المقالات

لقمة صغيرة في افواه الفاسدين /

454 11:55:00 2013-07-13

حافظ آل بشارة

بدأ شهر رمضان وبدأت معه الموجات الثلاث المعروفة ، موجة جديدة من المذابح الارهابية ، موجة جديدة من الحر ، موجة جديدة من انقطاع الكهرباء ، يصف العراقيون انفسهم في الشعر واحاديث المقاهي بأنهم اهل الغيرة والنخوة والشجاعة وان الذبابة لاتجرؤ على المرور من فوق انوفهم ، لكنهم لم يكونوا كذلك في مواجهة هذه الموجات التي برهنت ان العراقيين شعب مستضعف يتفرج على بلده الثري العريق كيف يصبح لقمة صغيرة في افواه الفاسدين ، يبتلعونها بسلاسة فلا يغص احدهم بالملوية او ساعة القشلة ، كيف احتل المرتبة الحادية عشرة في تشكيلة الدول الفاشلة ، وكيف ان ربع سكان تحت خط الفقر ، رحلة المواطن متواصلة بين الفقر والخوف والذل ، مواطن يذله اصحاب المولدات الاهلية الذين يسرقون نقوده كل شهر ، فاذا عاتبهم وهو يتصبب عرقا سلقوه بالسنة حداد فلاذ بالصمت ، تذله نقاط التفتيش التي مازال جنودها يحملون جهاز السونار الوهمي الذي جاء بصفقة تأريخية راح ضحيتها التاجر البريطاني القابع في السجن عشر سنين ، لكن السونار مازال محترما عندنا وكلما رآه الناس في نقاط السيطرة شعروا باهانة فلاذوا بالصمت ، مواطن تذله دوائر الدولة التي لا تنجز له معاملته الا برشوات منتظمة يتقاضاها موظفون كالذئاب بل اشد ضراوة فيلوذ بالصمت ، يذله راتبه الهزيل الذي هو فضلة من مائدة المترفين ، يريد ان يعيش به عزيزا كريما وهيهات منه ذلك ، فمنه يدفع ايجار البيت وايجار المولد وايجار المدرس الخصوصي وايجار كناسي القمامة واجور الماء والكهرباء وتكاليف الطبيب ورشوات الدوائر يفرغ جيوبه ويلوذ بالصمت ، مواطن في بلد ثروته كثروة الولايات المتحدة لكنه يعيش عيش الصومال فيلوذ بالصمت ، الذين يفترسون العراق ويمضغونه كل يوم لا يخافون من أحد ، فما سر شجاعتهم ؟ جندي من افراد الحمايات يتصرف في الشارع كحرملة ويرى جميع الناس خرافا للذبح ، صاحب مولدة عندما تتحدث معه تشعر كأنك تتحدث مع عبيد الله بن زياد ليس له رغبة في الرد عليك ، وكيل الحصة لا يعجبه ان ينظر اليك وانت تتحدث معه ، موظف في دائرة هو امبراطور والمواطن امامه قزم ذليل ، هذه الموجة من الاذلال تثير ثلاثة اسئلة على الاقل : 1- لماذا يتصرف هؤلاء المذكورون اعلاه كجبابرة لا يخافون من أحد ؟ من اين جاءتهم الشجاعة والثقة بالنفس ؟ ... 2- لماذا يشعر المواطن بكل هذا الرعب منهم ويخضع لهم ، هل هؤلاء هم جلاوزة المرحلة ؟... هناك المصريون حشدوا 6 ملايين متظاهر فاسقطوا رئيسهم ، اما العراقيون فعاجزون عن اسقاط صاحب مولدة او وكيل حصة او معقب في دائرة المرور ! 3- الا يدل هذا المظهر على أن قوى الفساد هي السلطة الحقيقية التي تستعبد الجميع وترهب الجميع ؟ أليست هذه هي اللحظة التي يقف فيها العراقي امام الشدائد وحيدا فريدا ، خندقان في جبهة طرفها الاول قوى الفساد والارهاب وطرفها الثاني شعب اعزل ، جبهة الفساد متماسكة ، قوية ، مدججة ، واثقة ، خبيرة ، وجبهة المواطن خاوية مشتتة تلوذ بالصمت ، قوى الفساد نجحت مسبقا في تقسيم الناس الى طوائف واعراق ومناطق ارادت اقناعهم بأن يتقاتلوا فلم يفعلوا ، استوردت آلاف الارهابيين لقتلهم عشوائيا ، صراخ الثكالى اليومي يحجب اصوات اؤلئك الذين يقتسمون الغنائم ، العراقي وحده يقف امام مشهد برزخي ، يتصبب عرقا ، ينفعل ، يرتجف ، يلوذ بالصمت ، تنتظره الجلطة ، يموت في المصعد العاطل الذي استوردته احدى شركاتهم ، لا أحد يبكيه لأن الناس منشغلون باستخراج الجثث من تحت انقاظ الانفجار الجديد .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك