الشيخ حسن الراشد
يقولون ان السياسة فن الممكن ويقولون ان السياسة ليست الصداقة الدائمة ولا العداء الدائم ويقولون السياسة هي القذارة !ومالم يقولوا في السياسة هو جمع الأضداد والتنازل من قبل إحدى النقيضين عن الثوابت والحق لصالح النقيض الآخر دون ان يقدم الأخير اي تنازل لنقيضه بل يرى ان ما قدمه الطرف الاخر من تنازل دليل على ان ثوابت الآخر باطلة وثوابته هي الصحيحة وهي الحق فعليه سوف يبني مواقف ويؤسس عليها منحى انتهازي واستغلال واستعلاء في التعاطي مع خصومه والآخرين وحتى نقيضه الذي تنازل له عن الثوابت ..
لاادري مدى تطابق هذا الرأي مع مايجري من تقارب بين السيد المالكي وبين مشعان الجبوري الذي كان في فترة من الفترات شريكا في إراقة الدم العراقي ومحرضا على الارهاب عبر قناة فضائية كان مركزها متنقلا ولم يكن آخره ليبيا وبعد سقوط قذافي وموجات ما يسمى ثورات الربيع العربي التي اجتاحت بعض البلدان التي كان مشعان يتخذها قاعدة للتحريض على النظام السياسي الجديد في العراق فقد قاعدة ارتكازه وضاقت به السبل ولم يجد مخرجا سوى بعقد صفقات مع بعض من كان من الخصوم وبعد تمهيد ومقدمات إعلامية ودعائية قامت بها فضائيته كانت بها محاباة للمكون الأهم في العراق استطاع من خلال تغيير بعض الانطباعات عن نفسه وعن نهجه السياسي الذى بدى يلمس فيه خصومه بانه ( تحول منهجي) باتجاه عقد الصفقات وبالتالي التحالف مع من كانوا يعتبرونه في يوم من الأيام وجها من وجوه الشيطان والإرهاب !فهل تشيع مشعان الجبوري وتسنن السيد المالكي ؟!
هذه المقدمة هي مدخل لفهم حقيقة ما نشرته وكالة رويتر قبل أيام بان السيد المالكي وفي اجتماع خاص جمعه فيه مع مشعان ألجبوري وبواسطة العراب النزيه الذي نحترم قناعاته ! وهو السيد عزت الشاه بندر قال (( انه سني العقيدة وشيعي الهوية))! طبعا لا نستطيع التأكد من هذا الكلام لان الناقل هو مشعان نفسه ولم يصدر اي نفي من السيد المالكي لما صرح به الجبوري والذي أضاف (( ان نهج وفكر المالكي اقرب إلى نهجه وفكره ولذلك وافق على طلب الانضمام إلى كتلة دولة القانون في الانتخابات البرلمانيةً المقبلة .. واكد الجبوري انه التقى رئيس الوزراء المالكي طيلة اربع ساعات إلى وجبة عشاء عمل بحضور النائب عزت الشاه بندر بمنزل المالكي ثم انتقل إلى إسطنبول على متن طائرة رئاسية خاصة لترطيب الأجواء مع تركيا))!!
وقال الجبوري - هنا ننوه للقراء الأعزاء بالتأمل والتعمق في كلام الجبوري وما قال له السيد المالكي - (( انه فتح مع المالكي مواضيع عديدة ومنها الخلافات المذهبية بين الشيعة والسنة .. وقال تفاجأت من خطاب المالكي لي عندما قال انه سني العقيدة وشيعي الهوية في الظاهر شيعي والباطن سني من أبوين شيعيين ولكنني أصلي صلاةً السنة ولا أتشهد بالشهادة الثالثة التي تقول اشهد ان عليا ولي الله ولا يوجد عندي في قناة آفاق الفضائية أذان شيعي لان مرجعي فضل الله علمني ذلك ولا اعترف برواية قتل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رض لفاطمة بنت محمد كما يقول الشيعة لانه بريء من هذه التهمةً الباطلة وخذ هذا الكتاب لمرجع حزب الدعوة الإسلامية وقدوتي في الحياة فضل الله حيث يقول الخليفة الراشد عمر بريء من تهمةً حرق باب فاطمة ولا صحة لهذه الرواية الضعيفة السند))..
واكد الجبوري ان المالكي قال له ليس لحزب الدعوة في كل العراق حسينية واحدة ولا يقيمون الشعائر الحسينية لانها بدعة وفي عاشوراء ليس لدينا تجمع ولا نقيم مجلس العزاء ولا نعترف بقراءة المقتل ولا نعترف بدعاء كميل ولا حديث الكساء ولا دعاء التوسل ..بعد ذلك قلت للمالكي انت تتمازح أم ماذا فأقسم ان كلامه صحيح واهداني كتب مرجع المالكي وحزب الدعوة فضل الله ووجدت كلام المالكي صحيح .. وعليه قمت اعشق المالكي وعاهدته ان ارطب له الأجواء مع دول الجوار السنية واشرح لهم عقيدة حزب الدعوة )).!!
وكما أسلفنا أننا لسنا متأكدين من صحة هذا التصريح والكلام ولكن في المقابل لم يصدر اي نفي من قبل السيد المالكي ولا حزب الدعوة لما تفوه به وأكده مشعان الجبوري ..الحديث بتفاصيله وصلني من صديق عبر الوتساب نقلا عن وكالة رويتر ..وما يعزز صحة الأقوال المذكورة وقد يؤكد أنها حقيقة هو التخفيف من حدة المواقف السياسية والخطاب الإعلامي الملاطف في المنطقة وفي أوساط الإعلام الخليجي تجاه السيد المالكي والذي وصفه موقع إيلاف المقرب من الأجهزة الأمنية الخليجية بسعي المالكي للتقرب من السنة وقد أسهب مراسلهم أسامة مهدي في تقرير له بشرح تحسن الحاصل في موقف المالكي تجاه مطالب الحراك الآنباري ..
وحتى ولو افترضنا صحة ماً صرح به مشعان ركاض الجبوري وما نسبه إلى السيد المالكي فان ذلك يثبت أمر واحد وهو أن لغة المذهبية مازالت هي التي تحرك مشعان وتحيك الأجندة ويتخذها مطية وأداة للوصول إلى الجاه والمال وان قناعات الجبوري تجاه حقائق التاريخ لم تتغير وهي التي تحركه مهما كانت نوايا المالكي و (( حنكته السياسية)) الا ان مشعان استطاع ان ينتزع منه موقف ويسجل نقطة ضده امام جمهور الشيعة الواسع والذي يرفض ليس فقط التنازل عن الثوابت التاريخية بل حتى التشكيك بها او مساس بحقائقها والتطاول على مقدسات وشعائر تشكل ديمومة الحق واستمرارية لمبدأ الصمود والاستقامة والانتصار .
فهل يستطيع ان يجهر السيد المالكي بانه قد تسنن او ان يعلن الجبوري بانه تشيع ؟؟ أم ان الرجلين اما ان يضحك الواحد على الآخر ضمن مصالح سياسية ولعبة الكراسي واما انهما يلعبان لعبة خطرة وخاصة السيد المالكي تكون المذهبية هي عنوانها!؟
لسنا ضد الاستقطاب السياسي ولا ضد ان يكونً مشعان حليف المالكي والمروج لكتلته فهو ليس أول من اخترع بدعة التحالف مع اللصوص والإرهابيين ولا آخرهم حيث في قذارة السياسة يحصل ليس فقط فن الممكن ولا ان يتحول الأعداء إلى أصدقاء بل يحصل العجب العجاب ولكن ألم يكن الأولى للمالكي هو لم شمل البيت الداخلي وكسب أخوة الدين والمبدأ وأصحاب الثوابت والتقاسم معهم رغيف الخبر بما يخدم الشارع المسكين وجمهور الواسع الذي ينتظر ان يتم توزيع الحلال من مقدراته على أبناءه وعلى الأقربين لا على الابعدين واللصوص وطلاب الدنيا (( والأقربون أولى بالمعروف ))!
https://telegram.me/buratha