المقالات

طوزخورماتو.. مدينة الحزن المتجدد والنزف المتواصل

693 15:37:00 2013-07-14

عادل الجبوري

تشير إحصاءات لجهات حكومية عراقية أن قضاء طوزخورماتو، التابع لمحافظة صلاح الدين الواقعة شمال بغداد، تعرض لثلاث وعشرين عملية ارهابية بسيارات مفخخة خلال الاعوام الستة الماضية خلفت اكثر من ثلاثة الاف شهيد وجريح.ووفق مبدأ النسبة والتناسب بين عدد سكان القضاء ومساحته من جانب، وعدد العمليات الارهابية والخسائر الناجمة عنها من جانب اخر، يتضح أن هذه المدينة هي الاكثر تعرضا للهجمات التفجيرية والمسلحة من بين مدن العراق الاخرى، وقد تزايد معدل العمليات التي ضربت "طوزخورماتو"، بحيث لم يعد يمر شهر إلا ويفجع أهالي القضاء بسقوط عدد من الضحايا في هذه العمليات، التي كان آخرها، الخميس، حيث انفجرت سيارة مفخخة من نوع (كيا) كانت مركونة أمام مبنى المحكمة في القضاء، ما تسببت باستشهاد عشرة أشخاص، وإصابة خمسة وثلاثين.وقبل أسبوعين وتحديداً في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، انفجرت سيارة مفخخة وسط حشد من المشيعين لضحايا من أبناء المدينة سقطوا بفعل عمليات سابقة، في ذات الوقت الذي فجر "انتحاري" نفسه وسط جمع من المحتجين على تكرار حصول تفجيرات في المدينة، وكان من بين الأهداف نائب رئيس الجبهة التركمانية علي هاشم ومعاون محافظ صلاح الدين احمد قوجه اللذين قضيا في التفجير، وفي الحادي والعشرين من شهر أيار/مايو الماضي وقع تفجير مزدوج بسيارتين مفخختين، استهدف حسينية النور وسط القضاء، ليوقع خمسين ضحية وجريح إضافة إلى الخسائر المادية التي طالت مبنى الحسينية والمنازل المجاورة لها.ويعد قضاء طوزخورماتو الذي يتألف من اربع وحدات ادارية تسمى نواحي، وهي (آمرلى - بسطاملي - سليمان بك - قادر كرم) من المدن ذات الاغلبية التركمانية قومياً، والشيعية مذهبياً، وكانت حتى بداية عام 1976 تابعة لمحافظة كركوك، وفي التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني-يناير من عام 1976 ألحقت بمحافظة صلاح الدين بموجب مرسوم جمهوري، بعد تحويل الاخيرة من قضاء الى محافظة.ويرى البعض ان طبيعة الهوية القومية والمذهبية للمدينة، وموقعها الجغرافي، جعلها عرضة للاستهداف أكثر من غيرها، فالنائب المستقل في البرلمان العراقي عبد الهادي الحكيم يقول إن "توالي استهداف التركمان الشيعة يأتي محاولة لتهجيرهم من مناطقهم ولتأجيج الفتنة الطائفية في العراق"، ويشدد الحكيم "على ضرورة فتح تحقيق عاجل لمعرفة أسباب الاستهداف المتكرر وإعلان نتائجه للشعب العراقي".وكانت الحكومة العراقية قد اعتبرت أواخر الشهر الماضي، عقب وقوع التفجير ما قبل الأخير، أن قضاء طوزخورماتو "منطقة منكوبة"، وجاء هذا القرار بعد تشكيل لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني وعضوية عدد من الوزراء لمتابعة تداعيات الأوضاع هناك، والوقوف على أسباب ومكامن الخلل، وكان من بين الإجراءات الفورية "منح القضاء أولوية في توفير الخدمات، وإعداد البنية التحتية لها تمهيداً لتحويلها إلى محافظة"، كما أشار إلى ذلك عضو مجلس محافظة صلاح الدين عن المكون التركماني نيازي معمار اوغلو.وعلى الصعيد الميداني، أرسلت السلطات العراقية فوجين من قوات التدخل السريع لتأمين الحماية لها، والشروع في ذات الوقت بتشكيل مجلس شبه عسكري من أبناء المدينة قوامه 700 شخص يتولى إدارة شؤونها الأمنية تحت إشراف وتنسيق الإدارة المحلية وقيادة العمليات العسكرية التي يقع القضاء ضمن ميدان مسؤوليتها، فضلاً عن قوة طوارئ من الشرطة من كل المكونات، إلى جانب تشكيل "سرية لمكافحة الإرهاب".ولعل الإعلان عن هذه الإجراءات كان كفيلاً بإنهاء الاعتصامات في المدينة وإن بشكل جزئي، وساهم في رفع مؤشر التفاؤل لدى الكثير من أبناء المدينة رغم الفواجع التي تتابعت عليهم، في وقت لم تخل أجواء التفاؤل من مخاوف عدم التطبيق، وفي ذلك يقول النائب السابق في البرلمان العراقي، وأحد الشخصيات السياسية البارزة في المدينة محمد مهدي البياتي أن "ما تم الاتفاق عليه بين اللجنة الوزارية وممثلي القضاء يعتبر أمراً جيداً في حال تم تطبيقه على أرض الواقع"، بيد انه يستدرك قائلاً إن "طوزخورماتو مدينة حساسة، وهي من المناطق المتنازع عليها، وبالتالي فإن أي تحشيدات من قبل قوات البيشمركة الكردية تخلق مشكلات ونزاعات نحن في غنى عنها"، وأضاف أننا "كتركمان لا نريد صدامات مع شركائنا الأساسيين في القضاء وبالتالي فإننا لجأنا إلى الحكومة المركزية لإيجاد حل لمأساة هذا القضاء".وبينما يصر الأكراد على ضرورة تواجد قوات البيشمركة في قضاء طوخورماتو، يشدد رئيس مجلس محافظة صلاح الدين احمد علي الكريم على أن "وجود قوات البيشمركة في القضاء من شأنه أن يعقد الحلول التي يمكن التوصل إليها، وكذلك الأمر بالنسبة لقيادة قوات دجلة"، ويرى أن "مفتاح الحل الحقيقي للكوارث التي يتعرض لها قضاء طوزخورماتو يكمن في سحب قوات البيشمركة وقيادة عمليات دجلة منها لتحل محلها قوات من شرطة صلاح الدين، والفوج الذي تمت الموافقة عليه المشكل من أبناء القضاء فقط، بالإضافة إلى الفرقة الرابعة للجيش العراقي"، ويرفض الكريم السماح "بعد الآن بأن تتسلم قوة جديدة الملف الأمني في القضاء، ونحن نحمل قيادة عمليات دجلة مسؤولية الخروق الأمنية لأنها من تدير الملف الأمني في المدينة".في المقابل، يقول الأمين العام لقوات البيشمركة الفريق جبار ياور أن "تشكيل فوج صحوة من المواطنين التركمان وحدهم لحماية قضاء طوزخرماتو المتنازع عليه عمل غير دستوري، لأن تشكيل أية قوة غير نظامية لأية قومية ودين وطائفة بهذا الشكل يتعارض أصلاً مع الفقرة "ب" أولاً من المادة التاسعة من دستور دولة العراق الفيدرالية"، ويؤكد ياور أن "قضاء طوزخورماتو هو من المناطق المتنازع عليها ويجب أن تكون إدارته بصورة مشتركة بين إدارتي إلاقليم والحكومة الاتحادية"، ويرى ان "الحل الأمثل للأوضاع الحالية في القضاء هو زيادة الخدمات الإجتماعية لمواطنيه وتمتين العلاقات الأخوية بين القوميات والديانات والطوائف المختلفة فيه والتأكيد على العمل المشترك بين الوحدات الإدارية والعسكرية والأمنية المختلفة والموجودة حالياً في المدينة".وفي خضم هذه التقاطعات والاتهامات المتبادلة، فإنه "لاتوجد في الأفق معالم وملامح لحلول ومعالجات واقعية وعملية تكفل وضع حد لنزيف الدماء في طوزخورماتو، ومن الصعب بمكان التوافق على صيغ واجراءات تثمر عن نتائج ومعطيات ايجابية، تنعكس على ارض الواقع ويلمسها ابناء المدينة الذين نزفوا من الدماء وخسروا من الارواح ما فيه الكفاية".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك