حسين الركابي
ان كثير من الأمم والشعوب والطوائف والقوميات، بل جميع الطبقات المثقفة والعقول الناضجة والمتقدمة في المجتمعات العربية والإسلامية والغربية، نجدها تعظم عظمائها وتستذكر مسيرتهم وانجازاتهم وأفعالهم وتفتخر بذكراهم على الآخرين في المحافل الدولية والإقليمية، والكثير شيده عليهم بنيانا شاهقا يناطح السماء علوا وشموخا، وإحاطة قبورهم الذهب والفضة، وركع في بيبانهم الفقير والغني الملك والسايس الحر والعبد. كيف لا ونحن خير امة أخرجت للناس حيث قال تعالى ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ )) بلا شك ان ذكر الأولياء والعظماء يعطي دافع كبير لمواصلة التقدم والبناء نحو قمم الجبال الرواسي، وينير العقول التي حاولوا إطفائها الظلاميين، والمتخلفين عقليا، وإنسانيا، وأخلاقيا، ان حضارات الشعوب تقاس بمدى استمراريتها وقوتها وتطورها فى مواجهه مختلف العصور والحقب التي مرت عليها، ومواكبتها لكل عصر بكل تحدياته لتخرج من عصر لأخر بشيء جديد ومتطور بدون ان تتأثر او تضعف ولكنها هي التي تؤثر فيها، وأعظم الحضارات التي قامت عبر ألازمنه هي الحضارة الإسلامية، لأنها استندت على ركائز صحيحة ومهمة وقادتها قامات شامخة ويدركون مدى أهميتها في حياة الأمم والشعوب والإفراد، ان ذكر مثل هؤلاء يعد جزء مهم في حياتنا وثقافتنا وحضاراتنا على مر التاريخ. بلا شك ان الاحتفاء بذكرى وفاة السيد (عبد العزيز الحكيم (قدس) المصادف في الخامس من شهر رمضان المبارك، هو استذكارا الى قامة شامخة على مدى أكثر من أربع عقود، ومشروع كبير في وجه الاستكبار والاستبداد العالمي، حيث حمل الراية والأمانة التي أعطيت له وهو جدير بحملها منذ نعومة إظفاره من العالم الجليل والفيلسوف الكبير أية الله السيد (محمد باقر الصدر(قدس) صاحب الدرس العظيم والمقولة الشهيرة ( لو كان إصبعي بعثي لقطعته ) إشارة منه إلى مواجهة الداء الذي بدا يسري في جسد الأمة آنذاك (حزب البعث) نستذكر رجل تحمل حرارة الصيف، وبرد الشتاء، وشرب أسين الماء، أكثر من ثلاثة عقود ونصف في اهوار وقصبات الجنوب، وتحمل فراق الأهل والأحبة ومدينة العلم والعلماء ومرقد جدة أمير المؤمنين (عليه السلام) ليعود بعد كل هذا الفراق الطويل والشاق إلى بلدة الذي أخذت منه الأيام والسنون مأخذ الرحة من الدقيق، ليكون نصيبه ان يتحمل وحدة التركة الثقيلة بعد استشهاد أية الله السيد (محمد باقر الحكيم (قدس) حيث جمع تحت ردائه وطن متهالك وأشلاء شعبا متناثرة ووقف بوجه كل مشروع يريد ان يعيد عقارب الساعة، وتعكز على سهام وكابر على جرحه من اجل ان يضع دستور دائم للبلاد ويمنع عودة الدكتاتورية والنظام الشمولي الذي جثم على صدورنا أكثر من ثلاثة عقود ونصف، وسد كل نوافذ الطائفية والحزبية والقومية وجعلها جميعها تجلس تحت قبة واحدة (البرلمان) لتشكل حكومة منتخبة تمثل جميع أبناء الشعب بكل قومياته وأطيافه، وكان همه الوحيد ان الحكومة العراقية تحقق العدالة وجميع ما يصبوا إليه ابنا الشهداء والمهجرين لكن أمر الله حال بينه وبين ذلك...
https://telegram.me/buratha