جواد أبو رغيف
ثمة مشكلة تعاني منها اغلب الدول العربية (دولة المدينة)، وهي اختصار الدولة بمدينة مثل مصرـ القاهرة يسكن فيها (16 ـ 20) مليون ويتركز فيها الاقتصاد والسلطة والمصريون يقولون "مصر هي القاهرة واللي مش عاجبه أما يخبط رأسه بالحيط أو هو متطرف أو يعمل لصالح أجندة خارجية تريد تفتيت الوطن " سوريا هي الأخرى مختصرة بدمشق فهم يطلقون على دمشق بالشام اختصاراً للحال السياسي في البلد برغم وجود مدن مهمة " حلب ـ حماه" السعودية دولة مدينتين " جدة ـ الرياض" كمركز لإقامة "الحكم والملك". الأمارات العربية المتحدة ربما هي الوحيدة التي ليست دولة مدينة بل دولة فدرالية وهذا سر ضمان وديمومة استقرارها وتطورها ، برغم تفاوت الثروة بين الأمارات المختلفة .لبنان سابقاً "بيروت والجبل" واليوم "بنت جبيل " أي أن الجنوب الذي كان مهملاً أصبح اليوم هو محرك الدولة وفراملها في الوقت ذاته!تقليص الفجوة بين حجم السكان والمساحة التي تدعي أي دولة السيطرة عليها وإدارة مواردها البشرية والطبيعية وتوزيع ثرواتها بشكل عادل على أبنائها هو الحل الوحيد للحفاظ على وحدة المجتمع وبناء "منظومته القيمية"، فالكابح الحقيقي لعدم تشظي أي مجتمع هو الشعور "بالعدالة الاجتماعية" .الدولة العراقية الحديثة منذ عشرينات القرن الماضي كرست مفهوم اختصار العراق بمدينة بغداد، زاد على ذلك "قيمة ومكانة العاصمة بغداد كحاضرة لأطلال الخلافة العباسية وحديث تتناقله الشفاه لليالي شهريار وقصصها إلف ليلة وليلة "إذ مارست الحكومات العراقية المتعاقبة ادوار ترسيخ مفهموم اختصار الدولة بالمدينة حتى جاء نظام البعث الذي لم يختصر الدولة بمدينة وحسب بل اختصرها بجانب الكرخ فقط! فأصبحت الدولة والسلطة والاهتمام بتلك البقعة المباركة دون ارض الله الواسعة! هذا السلوك الذي يفتقد إلى "العدالة الاجتماعية" احدث شرخاُ بين مكونات المجتمع ولم يزد في الطنبور نغمة فقط! بل سًبب تخلفين خطرين احدهما "تخلف ثقافي "وآخر"تخلف سياسي" الأول رفع نسبة الفقر في العراق على ما يزيد( 23 %) أي (7 ) ملايين عراقي تحت خط الفقر! برغم إمكانيات العراق وموارده الطبيعية ، وكما يقول الحديث الشريف (ما ضرب الله قوم بسوط أوجع من الفقر ). أما التخلف السياسي فسبب تغيير النظام واحتلال العراق عام (2003 ) على يد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. طبعاً "أن التخلف السياسي يولد الاحتلال والتخلف الثقافي يولد الفقر" القوى السياسية التي تصدرت المشهد السياسي بعد العام (2003 ) ولدت من رحم صناديق الاقتراع وهي تستند على شرعية جماهيرية بفعل الممارسات الديمقراطية التي شهدها البلد بمراقبة دولية ومحلية ،اختلفت في رؤيتها إلى طبيعة وشكل النظام المناسب الذي يقود العراق إلى بر الأمان فالبعض يرى أن "دولة المركز" و "مركزية السلطة" هي الخيار الناجع لضمان وحدة واستقرار العراق، وهذا ما لم يحصل على مدى عشر سنوات مضت فقد العراق خلالها الكثير من موارده البشرية والطبيعية!الرأي الآخر يرى أن" النظام اللامركزي" و"الفدرالية" وتوسيع صلاحيات المحافظات وتوزيع الثروة حسب النسب السكانية هو نقطة الضوء في نفق ليل العراق الذي أدمته سياسة النظر بعين واحدة!
https://telegram.me/buratha