محمد حسن الساعدي
الاحداث التي تلت 2003 وبدأت من العراق بسقوط النظام التسلطي ، وتلته سقوط الكراسي من تونس الى ليبيا والى مصر وغيرها ، ومرشحة دول أخرى للسقوط يتيتح لنا القراءة التحليلية لهذا الموضوع .نلاحظ ان التيارات الاسلامية بدأت بالتصاعد ، ويمكن عدها من الاتجاهات الصاعدة في هذا الخضم الربيعي العربي ، فلقد أفرزت هذه الثورات العربية القائمة صعود قوى وتيارات جديدة وعلى رأسها التيارات الإسلامية التي تمتلك قاعدة شعبية يسمح لها بالوصول الى الحكم والسلطة في بلدانها.وأمام هذه التحولات الجديدة تطرح عديد التساؤلات حول موقف الغرب مما يحصل اليوم ومن صعود هذه التيارات التي كانت بالأمس القريب تشكل عدوا له يقض مضاجعه.ان الثورات الحاصلة اليوم فتحت الباب لصعود التيارات الإسلامية بشكل لافت وخاصة ان لديها قاعدة شعبية كبيرة في مقابل صمت غربي ومهادنة لما يجري فهل هوتمهيد لقبول الغرب بهذه الحركات والتعامل معها ، فالغرب عندما يكتسح البلاد الاسلامية بالقوة ويقتل عشرات الآلاف؛ يجعل الرأي العام الاسلامي يثور ضده ويرفض هذا الغرب جملة وتفصيلا . فيصبح كل من يقاوم الغرب ويقف امام أطماعه ويجابهه يكون قريب من ميل المجتمع الاسلامي. وهنا اعطي مثلا. فبن لادن كيف أصبح بن لادن؟ لولا ان الغرب اكتسح العراق وافغانستان وقتل بالآلاف لما وجد بن لادن ولما تكونت حوله هذه الشهرة حتى بات رمزا للكفاح لدى الشباب المسلم الذي لا يرضى باكتساح الغرب والاعتداء عليه. اذن الغرب هو الذي خلق التيارات المتشددة ودعاها الى البروز والى المقاومة فالغرب هو المسؤول.ما حصل في مصر مورد تجاذب فيما بين اتجاهين ، اتجاه سمي بالانقلاب العسكري على شرعيه مرسي ، والاتجاه الآخر الذي يسميه ثورة تصحيحية لواقع هزيل ، فانقسمت مصر على اساس الاسلاموية ، والليبرالية والشرعية والإصلاحية ، ويمكن القول ان مصر دخلت بداية الازمة ، ودخلت النفق المظلم وليس معلوماً متى وكيف الخروج منه ، ونحن في المجلس الاعلى ننظر الى الواقع المصري نظرة عبرة وأخذ الدروس والاستفادة منه .ما حصل في مصر ، يعد ضربه كبيرة للشرعية التي يدعيها مرسي ، ولكن في نفس الوقت غلق مرسي جميع الابواب امام مطالب المتظاهرين وترك هذا الباب فقط مفتوحاً ، ولم يترك خياراً للانقلاب على شرعيته ، كما ام الكونغرس الامريكي لم يكن موفقه معادياً لما حصل .وهناك من يعتقد ان هذا التغيير فتح المجال واسعاً امام مصر والشعب والجيش المصري لممارسه دوره في التغيير ، وإطلاق شعار المشاركه من اوسع صورها .والنظرية الثانية تقول ان الاخوان المسلمين قوة لايستهان بها ، وكبيرة ، واستطاعوا خلال السنة من الحكم التغلغل في مؤسسات الدولة ومفاصلها ، وربما ما حصل هو مؤامرة ضد الجيش المصري والذي يعد من أقوى الجيوش العربية .ومن الطبيعي و المنطقي أن الغرب يحاول أن يحضر بدائل للأنظمة الديكتاتورية بعد سقوطها و يسعى لاستقطاب البعض فيلوح للبعض بالمعونات الاقتصادية وللبعض الأخر بالضغوط السياسية وللبعض بالتحرش وافتعال ما يؤثر على مكاسب الثورات.فالاقتصاد الغربي الي تقلص مستمر (وخاصة بعد العديد من المغامرات الحربية الاستعمارية الفاشلة و الأزمات المالية الطاحنة التي عصفت بالاقتصاد الغربي) وتعداد السكان في العالم الغربي الي تناقص سريع مما يجعل شمس الثورات تسطع في سماء الحضارة إيذاناً بمرحلة تاريخية هامة وجديدةاعتقد ان مسؤولية النخب اليوم من مختلف التيارات الفكرية والسياسية اليوم هو: تجاوز منطق الصراعات والتطاحنات السياسية الموروثة من مرحلة الاستبداد والعمل على ترسيخ تقاليد جديدة في الحوار الضروري لبناء الدولة الديموقراطية الحديثة على قواعد جديدة، وتكثيف النقاش حول القيم المؤسسة للمرحلة القادمة ..(وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) .
https://telegram.me/buratha