المقالات

ثقافة الإعتذار

392 07:00:00 2013-07-18

فلاح المشعل

تتمتع المجتمعات المتحضرة بأنساق سلوكية راسخة يتمثل بعضها بثقافة الإعتذار اي الإعتذار عن الخطأ الذي يحدث جراء عدم التنسيق او الخطأ غير المقصود.

هذه المجتمعات خلاف مجتمعاتنا، تبتعد عن الخطأ المقصود بسبب رسوخ القانون ليس بصفته العقابية او الردعية، وانما القوانين والأعراف التي تنظم الحريات والحقوق دون تجاوز على الآخر، وتلك العلامة الفارقة للمجتمعات الحضارية المستقرة مجتمعيا، والمنتجة للمزيد من القيم التي تثري حياتهم بما هو نافع وممتع وراق.

ثقافة الإعتذار واحدة من تلك السلوكيات التي تمتد من الوسط السياسي والثقافي العام الى أبسط انماط السلوك اليومي للناس، والأعتذار لا يعطي ثقة بالنفس للمعتذر عن الخطأ وحسب، وإنما يعزز الاحترام له ويعطي قوة للسلوكيات والمفاهيم الصحيحة بالحياة بهدف ترسيخها كواحدة من صفات اشتغال الضمير وابعاده عن العطب او الشلل، وهو ما يجعل الفرد وحدة انتاج سلوكي تمنح بمجموعها البنية الأخلاقية ملامح السلامة النفسية والثقة بالنفس والآخر، وهذا الأمر يعمق بدوره ثقافة المواطنة التي تشكو مجتمعاتنا من غيابها، في ظل ثقافات فرعية تتشرذم بإنتماءات طائفية وعنصرية وأثينية متعصبة ومتكلسة على روح عدائية للآخر المختلف.

ثقافة الإعتذار تدعو الى رؤية متعمقة في أكتشاف الذات والآخر على حد سواء، وهو ما يشكل حقيقة الثقافة الذاتية او الحسية ويصنع قدرا من السعادة الروحية.

مجتمعاتنا العربية لم تتعرف على ثقافة الأعتذار، والغالبية تجد في الإعتذار نقصا لشجاعتهم او كبريائهم مع يقين معرفتهم بالأخطاء التي يرتكبونها بحق انفسهم والاخرين، سيما وأن القسم الأكبر من هذه الأخطاء لم تنتج جراء سلوك عفوي، بل ترتكب بقصدية النفعية الفردية، في سلوك أناني صارخ، يكرس المزيد من سلوك العداء واجواء الكراهية مع اقصاء مفاهيم الحق والعدالة والجمال.

يعكس سلوك الحكومة العراقية الحالية صورة جلية لإنعدام ثقافة الإعتذار بعد سنوات من هدر المال العام وصفقات الفساد وجرائم العنف والإرهاب التي تفتك بالشعب وتذبحه يوميا، صور تترادف عن الإنهيار والأزمات التي تمزق الوطن دون ان يطل المسؤول عنها ليعتذر في محاولة لتخفيف الألم عن ذوي الضحايا والمجتمع بنحو عام.

لا أحد يعتذر في مجتمع تتحرك طوائفه ومكوناته بدوافع الهيمنة والإستحواذ على حساب الآخر، وتبيح المحظور وتحلل المحرم ولا تقيم أهمية لنداء المقدس او الأعراف التي تحظى بمنزلة القدسية.

السياسي السلطوي اصبح أنموذجا في العري الأخلاقي والإبتعاد عن ثقافة الإعتذار للشعب الذي ابتلي بشراهته وأنانيته وفساده وأكاذيبه التي اعطتنا مجتمعا متخلفا يشكو من تشويه ثقافي وديني واخلاقي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك