المقالات

الفاسدون ... سلطة احتلال سري /

410 14:31:00 2013-07-18

حافظ آل بشارة

عندما توصف دولة ما بأنها دولة فاسدة فلا يمكن لشعبها ان يتوقع منها عملا جادا لمعالجة الفساد ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، ولأن اي مشروع لاصلاح الفساد هو اعلان حرب على الدولة نفسها ، ولكن ذلك لا يعني انقراض النزاهة الاخلاقية ، النزاهة تتحول الى صفة شخصية لبعض الافراد في داخل منظومة الفساد وليس مبدأ للعمل ، ولا يمكن لفرد نزيه ان يتكلم عن النزاهة أو يدعو لها ، لأن دعوته تضعه في مواجهة غير متكافئة مع شبكة الفساد ، لذا فهو يعيش حذرا خائفا يعاني العزلة والوحشة ويفقد علاقاته في محيطه الوظيفي ، وتحجب عنه المعلومات والوثائق الرسمية والمذكرات خشية ان يطلع على ما في دائرته من مخالفات وفساد ، ولا تستطيع الدوائر الفاسدة تحمل وجود اشخاص من هذا النوع لمدة طويلة فتقوم بنقلهم الى اقسام غير فعالة ، ولكن عندما يخرج الموظف النزيه عن صمته فيعبر عن رفضه للفساد أو يلفت الى ذلك انظار الآخرين فسوف يواجه برد فعل فوري من اعلى المستويات بنقله الى مكان بعيد ، او تهديده ، او تلفيق تهمة له واعتقاله ، واحيانا اغتياله بطريقة غامضة ، لذا اعتادت شعوب الدول الفاسدة على حوادث اغتيال الكثير من الاشخاص رجالا ونساء بطرق غامضة ، وبذلك يكون للفساد وجهه القمعي الذي لا يظهر الا في مثل هذه الحالات ، وتكتسب سلطة الدولة الفاسدة قوة اضافية عندما تكون مدعومة بتحالف سري مع شبكات فساد او شركات اجنبية او مخابرات عالمية تتقاسم معها المكاسب المالية ، وتكون مافيات الفساد اقوى من السلطة الرسمية عادة ، وما السلطة الا خادم مسخر لتلبية طلباتها وغطاء ظاهري لتمرير اعمالها ، وهذا يعني ان الدولة الفاسدة هي دولة محتلة من قبل قوة سرية ، لذا فان كبار الفاسدين يشعرون بالخطر من شعبهم دائما فينقلون اموالهم ويشترون عقاراتهم في الخارج بالتنسيق مع اصدقاءهم الاجانب ، وقد يكونون محميين قانونيا امام اي محاولة للمحاسبة او المسائلة هناك ، هذا النموذج معروف في دول افريقية تعد مثالا يدرس في الفساد وتطور آلياته مثل غينيا ، تشاد ، السودان ، والكونغو ، الصومال و ليبيا ، القاسم المشترك في الفساد الأفريقي هو نقل مليارات الدولارات الى المصارف الاوربية ، مما يسبب استنزافا للثروة وما تنتجه من ارباح وفرص ، رؤوس الاموال المهربة من 30 دولة أفريقية منذ سنة 1970 ولغاية 1996 بلغت 187 مليار دولار وهو اكبر من الدين المترتب على هذه الدول مجتمعة . يقابل النموذج الافريقي نموذج الفساد الآسيوي فالحكام الفاسدون في شرق آسيا اكثر وطنية ورحمة فهم يستثمرون اموالهم في داخل بلدهم فتبقى الاصول المالية والارباح والعمالة الناتجة داخل البلد وتسهم في تنميته ، عندما يستحكم الفساد ويصبح علاجه مستحيلا تكون المفاضلة عند الناس بين فاسد وطني وفاسد عميل ، وليس بين فاسد ونزيه .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك