سليم الرميثي
أرض وسط وجنوب العراق حباها الله بثروات طبيعية لاتعد ولاتحصى ولو كان لدينا ساسة يملكون ذرة من مخافة الله لاصبحت المناطق الوسطى والجنوبية من ارقى مناطق العالم في الاعمار والبناء ولاصبح اهلها ياكلون من فوقهم ومن تحت ارجلهم.. كنا في السابق نقول ان الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق مستبدة وظالمة ولانتوقع منهم خيرا بل لم نرى منهم سوى الشرور والحروب والاهمال المتعمد لتلك المناطق..ولكن الغريب والعجيب نحن الان في السنة العاشرة على سقوط اخر دكتاتورية في تاريخ العراق ولم يرى شعب الجنوب والوسط اي بادرة على مصداقية النظام الجديد اتجاه شعبه وامته في تلك المناطق.. الثروات النفطية الهائلة التي تخرج من جنوب العراق وميزانية سنوية تصل الى مئة وثلاثين مليار واهالي الجنوب لازال الكثير منهم يعيش على القمامات ودون مأوى ودون رعاية صحية.. بالاضافة الى معاناة تلك المناطق من تردي كل الخدمات دون استثناء وانتشار الاوبئة والامراض في الاحياء السكنية وكأن هذه السنين العشر التي مرت على التغيير هي استمرار للحصار المفروض من قبل الطغاة الذين حكموا البلاد في العقود الزمنية السابقة.. فالزائر لتلك المدن وخاصة المدن التي يقطنها الشيعة لايحتاج الى اي عناء ليكشف ان تلك المناطق تعاني اهمالا متعمدا من قبل السلطات الحاكمة ومسؤوليها ويجد الفرق الشاسع بين المواطن ومايعانيه من مصائب وبين المسؤول الذي لايخرج الى مكتبه الاّ وحوله حاشية هرون الرشيد في زمانه.. واما اذا حضرنا ولائم المسؤولين ففيها مالذ وطاب من وجبات غذائية كاملة الدسم..وشوارع المدن تجدها مليئة بالمتشردين والعاجزين والارامل والايتام الذين يتسكعون في الطرقات بحثا عن رغيف او لعلهم يجدوا من يمنّ عليهم واخذهم لبيته ليكونوا خدما او عتالين ليحصلوا على فتاتِ من النقود ويستروا عوائلهم وعيالهم.. وأما برلماننا العتيد في كل جلسة تطرح فيها قوانين لخدمة المواطن فنجد كتلنا موزعة على عدد المقاعد على شكل كتل ومجاميع.. كتلة تجر بالطول وعشرة يجرون بالعرض وتنتهي الجلسة وكل شيء يخص خدمة المواطن يؤجل ويؤجل الى اشعار اخر.. اما القوانين التي تخصهم وكتلهم فانها تقر في نفس الجلسة وكان الشعب انتخبهم فقط ليقرروا مايلبي مصالحهم وجيوبهم واصبح النفط وثرواته يمتص من ارض الجنوب ليحولوه ذهب وقصور ودولارات ويملؤون به البنوك في الخارج والداخل واصبحت ثروات الشيعة من الجنوب الى الجيوب..اهلنا في الوسط والجنوب الآن يعيشون حالة اغرب من اساطير الاولين والاخرين لانهم يسكنون ارض لاتنتهي خزائنها ولكنهم بنفس الوقت يعيشون الفقر والفاقة بكل معنى الكلمة وبالاضافة الى كل تلك المعاناة فالموت يلاحقهم في عقر ديارهم.. وكل ذلك بسبب اللصوص الذين يرتعون ولايشبعون ويسرقون ولايقنعون..فالى متى تبقى هذه الحالة المأساوية ومتى تنتهي الامنا وآهاتنا؟ فان للصبر حدود وعندما يشعر المواطن بان صبره تحول الى مذلة فعندها لن يكون امامه سوى الثورة والانتفاض على الواقع المرير الذي يعيشه ويعانيه ويقلب عاليها سافلها..وهاهي الدول والبلدان تتناثر فيها الثورات والانتفاضات ويعمّ فيها الخراب الا تعتبروا ياساسة العراق وقادته؟
https://telegram.me/buratha