المقالات

فساد الحاكم وهلاك المحكوم

560 12:56:00 2013-07-20

حافظ آل بشارة

في سنن التأريخ عندما يفسد الحكام يفسد المجتمع ، وهناك تبادل في التأثير الاخلاقي والثقافي بين الحاكم والمحكوم ، فالشعوب تقتدي بالحكام ، وجاء في الحكمة : ان الناس على دين ملوكهم ، ذلك ان الاسرة تقتدي بسلوك الاب ، لكن أسرة الملك هي ليست زوجته واولاده بل اسرته شعبه ، وسواء كان الحاكم منتخبا او غالبا على السلطة بالقوة فهو يشكل قدوة لشعبه الذي هو اسرته الكبيرة شاء أم ابى ، ويكتسب الحكام صورة مثالية في ثقافة وموروث وسلوك الشعب ، وفي القرآن اشارة الى التأثير الاجتماعي لفساد الحكام : (انّ فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبّح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين) ، وقوله تعالى على لسان بلقيس:(إنّ الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون) ويكون تأثير سلوك الحكام في شعبهم اكثر قوة عندما يأتون الى السلطة كمنقذين من ظلم وفساد حكام سبقوهم ، وقد ينجحون في تسويق انفسهم كفرسان صالحين وليسوا منافسين على السلطة ، فاذا واصلوا سنة من سبقهم في الفساد والافساد اصبح الناس في حيرة وهم يتحرجون من توجيه الاتهام الى الحكام الجدد ، فينقسم الناس الى فئتين ، فئة تنقاد للفساد وتندمج في اجواءه ، وتضنه سبيلا مشروعا لنيل الغنيمة ، متأثرة بسلوك الحكام المحترمين ومقلدة لهم فتتراكم ثقافة الفساد في اوساط هذه الفئة ، ثم ينشأ سياق اجتماعي مبني على تطبيع المفاسد وقبول مظاهر السلب والنهب ، الغش ، الخداع ، السرقة ، السطو المسلح ، الخطف لتحصيل الاموال ، ويظهر الفساد في التجارة والصناعة والعلاقات الاجتماعية ، ويفقد المجتمع معايير الكسب الحلال والنزاهة ، ويتحول جمع المال الى هاجس يهيمن على العقلية الاجتماعية ، وفي مرحلة متقدمة تظهر حالة فقدان الثقة في اوساط القوى المنتجة التي تقوم بتسيير الحياة الاقتصادية ، وينتقل فقدان الثقة الى المجتمع فيشعر الناس انهم يعيشون في غابة بشرية وعلى اثر ذلك يظهر التفكك الاجتماعي وهو اعمق وأكثر دواما من التفكك الذي تنتجه الحرب الاهلية ، وتفقد الدولة سيطرتها وتعجز عن حماية الناس امام المفسدين بسبب تفشي الفساد في جهاز الشرطة والأمن وقد تتم كثير من الجرائم بالتواطؤ والتعاون بين المجرمين والفاسدين من تلك الاجهزة ، اما الفئة الاجتماعية الثانية فهي الفئة التي ترفض الذوبان في تيار الفساد الحكومي والاجتماعي وتتمسك بتقاليدها ومنظومتها الاخلاقية والاحكام الدينية والعرف ، والناس الاكثر ثقافة في الفئة الرافضة قد لا يفسرون الفساد على انه خلل اخلاقي بل يعدونه فشلا اداريا . عندما يفسد الحاكم والمحكوم معا وتصبح الفئة الصالحة قليلة مستضعفة ، لم تعد هناك قيمة حقيقيية لأي مظهر ديني او شعائري ، تتحول الشعائر الى طقوس وعادات غير مؤثرة ، ويصبح علماء الدين مجرد خطباء يعتاشون على الكلام ، ولا يبقى من الدين الا اسمه ومن القرآن الا رسمه ، ويقف الجميع بانتظار البلاء .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك