سعيد البدري
حين نفكر بالوصول الى الحقيقة لاغير وبكل تجرد فلا بد لنا من تحديد المراد من هذه الحقيقة واذا كانت تقودنا لانصاف قائد فذ ورجل مهمات وصعاب بحجم عزيز العراق عند ذاك نحتاج الى ان نقارن ونستخلص الدروس لتخليد ذاك المقام الشامخ وهنا لابد ان نتسأل من اين نبدا مع عزيز العراق الذي افتقدنا وقفاته البطولية ونظرته الشاملة الحريصة على انقاذ البلاد والعباد من شرك الانانية وحبائل من ارادوا الشر لهذا الوطن وهذا الشعب فمن منا لم يعش المرحلة التي تلت سقوط نظام البعث وقبلها ومن منا لم يشعر بفراغ رحيل هذا الرجل في مرحلة مصيرية كبيرة من تأريخ العراق بكل احداثها وتفاصيلها, ومن منا لم يدرك اهمية وجود قادة كبار بمستوى عال من المسؤولية تجاه قضايانا فنحن متفقون اذا على محورية رئيس المجلس الاعلى الاسلامي انذاك و الذي لم يكن يمثل عنوانه هذا فحسب بل تعداه لزعامة مشروع استرداد الشيعة لحقوقهم, غير اني ارى ان العنوان اوسع من ذلك فالدور الذي لعبه السيد عبد العزيز الحكيم كان دورا وطنيا عراقيا لكل المكونات ويشهد به اعداءه ومن عملوا للوقوف بوجهه حسدا وبغضا قبل اصدقائه ومحبيه.فعزيز العراق الذي استحق هذا اللقب عن جدارة واستحقاق وبكل مراحل قيادته للعملية السياسية في البلاد, نظر للامور من زاويتين مهمتين اولهما المصلحة العليا للبلاد والتي لن تتحقق بهضم حقوق الاقليات والمكونات فضلا عن ضمان حقوق الاكثرية التي صودرت عبر مراحل التاريخ المختلفة, اما الثانية فانه كان ينظر لحركة التأريخ والتقلبات والمنعطفات التي يمكن ان تعصف بكل شيء والمتتبع لحركته يفهم هذا الامر بشكل واضح وجلي وقد واجه سماحته رضوان الله عليه بفعل مواقفه الكبيرة صعوبات جمة منها عدم استيعاب البعض لابعاد نظرته ومشروعه الذي لم يكن مشروعا شخصيا نابعا من تحقيق مصلحة فئوية او بحث عن مجد دنيوي لذلك فاتصالاته بقادة البلاد ومراجع الطائفة الشيعية, كانت تصب في تحديد المصلحة والسير باتجاهها رغم تشخيصه لها لئلا يقال انه كان يسير بنهج التفرد والهيمنة على القرار الشيعي فضلا عن القرار الوطني ولعلنا نتذكر جميعا موقفه الحازم من عملية التصويت على الدستور وطريقة كتابته المنسجمة مع طموحات الشعب ورؤية المرجعيات الدينية رغم معارضة مباشرة من امريكا وغير مباشرة من حلفائها الحكام العرب في المنطقة.وقد دلت تصريحاتهم وحملات قنواتهم الاعلامية على هذه المعارضة كما تابعنا بوضوح موقفه من الفتنة الطائفية بعيد عمليات القتل والتهجير والتي وصلت ذروتها بعد تفجير مرقد الاماميين العسكريين (ع) وتاكيداته واتصالاته على ضرورة وقف تداعياتها وعدم جر البلاد الى معترك الاقتتال الطائفي حيث حوصرت الحرب الاهلية الى ادنى مستوى وتم وقفها في نهاية المطاف بعد جهود جبارة لعزيز العراق, اما ما يؤشر نظرته العميقة في طريقة التعامل مع ملفات مهمة كاستعادة السيادة الوطنية واعادة العراق الى ممارسة دوره المحوري والذي سلب منه بسبب حماقات نظام صدام بعد غزوه الكويت, فيتضح جليا من خلال زيارته الى الولايات المتحدة وبعض بلدان اوربا وعواصم البلدان العربية وقد شنت بعض الاطراف الجاهلة والخبيثة حملاتها المغرضة لافشال زيارته الى امريكا فجاءت النشرات الخبرية وعناوين الصحف والمقالات مشنعة ومستنكرة لهذه الزيارة وتحت عناوين مختلفة كلها تريد التشويش وعدم تحقيقها لاهدافها المرسومة لها وهي حث المجتمع الامريكي والرأي العام هناك على ضرورة ان يتعامل مع العراق على انه ند ودولة لها الحق بالسيادة على اراضيها واجوائها ومواردها, وهذا ما تحقق فعلا بعد مراحل كان لعزيز العراق الدور الكبير في رسمها وجعلها محل تطبيق ولتنفي مزاعم البعض بتبعية العراق للدولة الفلانية وللنظام العلاني .ان المحطات الكثيرة في عمله السياسي التي يمكن ان نتوقف عندها بفخر ونحن نتصفح سيرة هذا الرجل المجاهد والقائد الفذ, تدعونا لان نعمل ونعمل بجهد اكبر لتحقيق المزيد من الخدمة لشعبنا فما اراده السيد عبد العزيز الحكيم هو الحرية لهذا الشعب والاستقلال للعراق والعدالة في اوساط المجتمع وكانت متطابقة مع ما رفعه من شعارات نتمنى ان يصل الى تحقيقها من يسير امور هذه البلاد في يوما ما فرحم الله فقيدنا العزيز عزيز العراق وما علينا الا استلهام الدروس والعبر من سيرته الجهادية لنفهم المغزى من ان نكون اعزة اصحاب رأي وقرار لاتبع لمعسكر هنا او قوى مهيمنة هناك والله من وراء القصد ...
https://telegram.me/buratha