المقالات

وعاظ السلاطين وجنة الفاسدين /


حافظ آل بشارة

بسبب شهر رمضان هناك اعداد هائلة من الوعاظ والواعظات والخطباء والخطيبات في القنوات الفضائية ، يطلقون كميات هائلة من الكلام في العقائد والاخلاق والاحكام الشرعية والعلاقات الاجتماعية وغيرها ، ولكن لم نلاحظ أحدا منهم تطرق الى آفة الفساد السياسي والمالي والاداري في البلد . صحيح ان هناك مرحلتين في البلاغ الاسلامي بلاغ اولي تعليمي موجه الى الشباب والجيل الجديد لبناء ثقافتهم وتعليمهم ، وبلاغ موجه لعامة الناس هدفه الاصلاح ، ورمضان شهر العبادة والتوبة والاصلاح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيكون للواعظ جدول اولويات يلبي الحاجات الثقافية لجمهوره ، وابرز مثال لذلك موضوع الفساد الذي يهدد البلاد والعباد ، كل مواطن عراقي مهما كانت ثقافته ومهنته وعمره يعلم ان الأزمة الأكبر ، وموضوع الساعة ، واساس البلاء في هذا البلد هو الفساد المالي والاداري ، لكن الغريب في الأمر ان هذا الموضوع غاب تماما عن محاضرات شهر رمضان ، لو وضعت الرذائل في صندوق مقفل فان مفتاحه الفساد السياسي القائم في بلدنا الآن فهو اصل كل رذيلة ، لا بأس ان يصنف الواعظون الى وعاظ سلاطين ووعاظ أمة فهو تصنيف قديم ، وعاظ السلاطين وظيفتهم منح الشرعية الدينية للحكام ومدحهم وتمجيدهم ، وقد تطور فن الوعظ السلطاني فاصبح المدح المباشر للحكام غير مؤثر والاسلوب الجديد هو السكوت عن اخطاءهم وتجاهل ظلمهم ، يقابله الهجوم على المواطن وصب الغضب والتعنيف على رأسه ، واعتباره اساس كل بلاء ، فهو غير متدين ومهمل لصلاته ، ومستخف بالاحكام الشرعية ، وجهنم تنتظره ، والجنة اغلقت ابوابها عنه ، وان القتل الارهابي العشوائي اليومي وانقطاع الكهرباء وارتفاع الاسعار وغياب الحصة التموينية كلها عقوبات الهية يستحقها المواطن! وهنا يستنتج المشاهد الكريم ان توفر الكهرباء والأمن ولذيذ الاطعمة والتبريد الهائل للمسؤولين في مكاتبهم وبيوتهم هي نعم الهية استحقوها لانهم صالحون ابرار (بيض الوجوه كريمة احسابهم - شم الانوف من الطراز الاول) ، سؤال : هل ان سكوت جميع الواعظين عن ظاهرة الفساد في البلد يعني انهم اصبحوا جميعا وعاظ سلاطين ؟ ولكن اين الفئة الثانية اي وعاظ الأمة وورثة الانبياء ؟ هناك فهم خاطئ في اوساط الواعظين لدور عالم الدين او الخطيب ، فهو دور ثوري لا يصلح كمهنة لكسب العيش وتحصيل الامتيازات والتقلب في الملذات ، انه دور اصلاحي قيادي لمواجهة كل انواع الفساد والانحراف ، وصاحبه لا يعبأ أوقع على الموت ام وقع الموت عليه ، هذه هي مدرسة ابي ذر الغفاري الذي واجه الفساد بصوت جهوري ويد خالية فانتهى به الحال الى صحراء الربذة لكنه اسس مدرسة لا تنقرض وصوتا خالدا مازال يقض مضاجع الفاسدين ، ولولاه لما عرفنا الفرق بين وعاظ الأمة ووعاظ السلاطين .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك