المقالات

عقوق الأم والوالد تسقط حتى جريح العابد

571 16:56:00 2013-07-21

حسن الهاشمي

بر الوالدين والإحسان لهما وإسداء المعروف حيالهما وخفظ الجناح والتذلل بين أيديهما والتأدب في الكلام عند التحدث معهما، هذه الأمور وغيرها من ضروب الاحترام والتقدير والتبجيل ينبغي على المرء إذا ما أراد التوفيق والنجاة والبركة والرحمة عليه الالتزام بها من صميم قلبه دونما تكلف أو رياء أو ملل، فإن حق الوالدين ولاسيما الأم عظيم، لا يعرف عظم هذا الحق إلا المؤمنون حقا. يقول الإمام السجاد عليه السلام، وهو يوصي بالأم، معدداً جهودها وفضلها على الأبناء، بأسلوب عاطفي أخّاذ: وأما حق أمك: أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحداً، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحداً، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعري وتكسوك، وتضحى وتظلك، وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحرّ والبرد لتكون لها، فإنك لا تطيق شكرها إلا بعون اللّه وتوفيقه. لا يزال مكان الأم ومقامها ومنزلتها وشأنها والتبجيل في احترامها أكبر وأعظم من الأب لأن تحملها وعناؤها وحنانها ومسؤولياتها أعظم فكانت النتيجة المبالغة في الإحسان إليها ريثما يصل المؤمن إلى حق طلقة من طلقات الحمل أو زفرة من زفرات التوجع كما جاء في بعض الروايات ليس إلا!.برّ الوالدين على كل حال، وان كان له طيبته ووقعه الجميل في نفس الوالدين، بيد انه يزداد طيبة ووقعاً حسناً عند عجزهما وشدة احتياجهما إلى الرعاية والبر، كحالات المرض والشيخوخة، والى هذا أشار القرآن الكريم: إمّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما، فلا تقل لهما اُفٍّ ولا تنهرهما، وقل لهما قولاً كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً.وقد ورد أن رجلاً جاء إلى النبي صلى اللّه عليه وآله، فقال: يا رسول اللّه ، إنّ أبَويّ بلغا مِن الكِبَر أنّى ألي منهما ما ولياني في الصغر، فهل قضيتهما حقّهما ؟ قال: لا ، فإنّهما كانا يفعلان ذلك وهُما يحبّان بقاءك، وأنت تفعل ذلك وتريد موتهما.وعن إبراهيم بن شعيب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إن أبي قد كبر جداً وضعف، فنحن نحمله إذا أراد الحاجة، فقال: إن استطعت أن تلي ذلك منه فافعل، ولقّمه بيدك، فانه جنّة لك غداً.نعم برهما والإحسان إليهما وعدم التضجر والتملل في خدمتهما ولاسيما في الكبر هو جنة ووقاية من البلايا الدنيوية والأخروية، ولا يزال المرء يحسن إليهما فهو يرفل بالرحمة والرأفة الإلهية التي تقيه من مكاره الزمان وموبقاته وبالتالي تنجيه من الشرور والأحقاد والإحن والانتقام، فالدين الإسلامي دين محبة وتواصل وكل من يسدي معروفا فإن عاقبته الحسنى وكيف إذا كان المعروف حيال الأبوين اللذين ضحيا بأعز ما يملكان الصحة والمال من أجل إسعاده وإيصاله إلى بر الأمان، لا شك إن أجر معروفه إزاءهما مضاعف والمحسن لهما يرفل بعيشة راضية في كافة مناحي الحياة. ينقل إن جريح العابد كان شابا من بني اسرائيل، قد بنى له معبدا في الصحراء بعيدا عن الناس، لكي يتفرغ إلى عبادة الله تعالى، وكان سلطان وأعيان تلك المدينة يكنون له كل الاحترام والتقدير، وفي يوم من الأيام ذهبت أمه إلى باب المعبد لزيارة ابنها، وكلما قرعت الباب فإنه كان مشغولا بالعبادة ولم يفتح لها الباب، وبعد أن يأست الأم من لقاء ابنها توجهت إلى السماء بقلب مكسور وقالت: أتمنى يا بني أن لا تذهب من هذه الدنيا حتى تعذب من الأشرار، وبعد دعاء الوالدة عليه، فإن عباد زمانه قد اشتعل حياله في قلوبهم مرض الحسد، وقرروا التخطيط لقتله، ودفعوا لامرأة فاحشة بعض الأموال لتنسب وليدها الذي في بطنها لجرير، وفعلا وبعدما وضعته رمت به عند باب المعبد ونادت: جرير تعال واستلم الطفل الذي زرعته في بطني عن طريق الزنا!!الناس الذين كانوا في أطراف المعبد حملوا الطفل إلى السلطان وسردوا عليه القصة، فأمر السلطان أن يهدموا المعبد ويأتوا بجرير إليه، الشرطة نفذوا الأوامر وألقوا حبلا بعنق جرير واقتادوه بذلة وخفة وازدراء في الأزقة والمعابر، ليجتمع الناس في ساحة المدينة تمهديدا لإعدامه، توجه السلطان والأعيان إلى الميدان لمشاهدة المنظر، جرير يقف عند حبل المشنقة، وفي هذه اللحظات الحرجة وصل الخبر إلى والدته، التي أوصلت نفسها بسرعة إلى مقربة من ابنها، جريح وقع نظره في عين أمه وتذكر دعاؤها عليه، وقال: أماه إن دعاؤك علي وعدم رضاك مني أوقعني في هذه المخمصة، أتوسل إليك بالله العظيم أن تغفري وترضي عني، وأنا نادم عما بدر مني تجاهك.وما أن رضت عنه الوالدة، حتى قد انقدح بفكره أنه نادى بأعلى صوته: احظروا الطفل الذي نسبوه إلي، وتوجه إلى السماء وقال: إلهي احكم بيني وبين القوم الظالمين، ومن ثم توجه إلى الطفل وقال: انطق بإذن الله تعالى وعرّف الناس بأبيك!!! وبحكمة الله وقدرته نطق الطفل وصاح بأعلى صوته أيها الناس جريح ليس أبي، والله تعالى يحكم بين أمي وذاك الذي عقد نطفتي من حرام.السطان وفي حال التعجب والاندهاش قبّل وجه جريح طالبا المعذرة منه، وأمر بإعادة بناء معبده مجددا بأكمل صورة، ونصبوا على معبده قبة من ذهب، وكل من أفشى وتآمر عليه من الحساد والمغرضين قتلهم بأبشع قتلة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك