حيدر فوزي الشكرجي
بُعث النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) رحمة للعالمين، فقد أُرسل إلى العرب الذين كانوا في وقتها قبائل متفرقة متقاتلة تغلب على طباعهم سمة البداوة و قساوة الصحراء، لذا فقد ذكر في القرآن أن احد المعجزات الالهية هي توحيد هذه القبائل بالإسلام قال تعالى:((وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) صدق الله العظيم..الانفال 63.لم تصنع هذه الأمة العظيمة بالسيف بل بالمبادئ والقيم التي حملتها الرسالة المحمدية، وأسلوب إيصالها للناس عن طريق الإقناع و إسقاط الحجة بهدوء بدون انفعال او عصبية ،قال تعالى ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)) صدق الله العظيم..آل عمران 159.فقد أصبح العرب أخوة بفضل المبادئ الإسلامية بعد أن كانوا أعداء متقاتلين، وصنعوا بتكاتفهم حضارة تغنى بأمجادها المؤرخون، ولكن بعد أن تناسى حكامهم هذه المبادئ وبرزت المطامع الدنيوية رجع التناحر بينهم فتفرقوا , قال تعالى:((ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)) صدق الله العظيم.. الانفال64.لذا فأي خطوة لوحدة الصف هي من صميم ديننا الحنيف وسيباركها الله تعالى والمؤمنون وأي خطوة نحو التنازع والتفرقة مهما تم تغطيتها بصبغة إسلامية فهي من الشيطان والمنافقين وأعداء الدين الإسلامي. في العراق ورغم كثرة الأصوات المنادية للتطرف والتنازع، إلا أن هنالك من ساهم بمحاولة تقريب الأضداد ومن أبرز هؤلاء القلة الشرفاء هو السيد عمار الحكيم، حيث ساهمت مبادراته وحركته الدؤوبة على تقريب وجهات النظر بين سياسي العراق.فالسيد عمار يؤمن أن معضلة الأمن لا يمكن حلها إلا بعد أن تحل المشاكل العالقة بين السياسيين، فالمراقب للشأن العراقي يلاحظ أنه كلما زادت الصراعات والتصريحات النارية بين الكتل زادت التفجيرات والعكس صحيح، وهذا يثبت أن الهدوء السياسي مهم لاستتباب الأمن داخل البلد، فكل خلاف ينشئ كان يحاول كل طرف أستماله السيد الى جهته ولكنه لم ينحاز إلى جهة على حساب الأخرى بل كان يحول تقريب وجهات النظر وحل الأزمات بدل تركها لتصبح عقدا صعبة الحل أو ترحيلها دون حل لتبرز مرة ثانية مستقبلا، ورغم قيام جهة أو أخرى بمهاجمة السيد بتصريحات وإشاعات إلا ان هذا الهجوم للاستهلاك المحلي ولتقليل من أهمية منجزاته والإبقاء على أنصارهم فالكل بات يعلم أن الحكيم هو الخيمة التي تجمع كل العراقيين مواطنين وسياسين. كما أن الملتقى الأسبوعي الذي يقام في مكتب السيد ساهم بشكل فعال في زيادة وعي المواطن وقلل من فرص استغلاله من قبل بعض السياسيين بالإشاعات والأخبار الكاذبة، كما لعبت المبادرات والمؤتمرات دور مهم في حل أغلب مشاكل المواطن العراقي رغم وضع المعوقات وعدم تنفيذ أغلبها من قبل الجهات التنفيذية لأغراض انتخابية. ومن ناحية أخرى فالوضع الإقليمي وتوتر العلاقات مع دول الجوار ينعكس بشكل سلبي على العراق لذا دأب السيد على زيارات متعاقبة لدول الجوار، خاصة مع دولة الكويت هذه الدولة التي كان شعبها يرتبط بروابط أخوة وثيقة مع الشعب العراقي إلى أن غدر بهم هدام اللعين وخلف جرح في بيت كل مواطن كويتي كان من صعب أن يندمل لولا تحركات سيد عمار، وخصوصا زياراته في شهر رمضان ففي كل عام أعتاد سيادته زيارة دولة الكويت واللقاء بأميرها وعدد من المسؤولين ومن ثم التوجه إلى المواطنين الكويتيين في دواوينهم واحتفالاتهم الرسمية حتى أنه استجاب هذا العام لدعوة نقابة الصحفيين، واهتمت الصحف الكويتية بتحركات سيد عمار وكلماته وخطبه في كل مكان حل فيه.هذه الخطوة التي لو قام بها أي دبلوماسي أو سياسي عراقي أو من أي بلد آخر لاعتبرت انتهاكا سافرا للشأن الداخلي الكويتي، ولكن بالنسبة للسيد عمار فقد اعتبرته دولة الكويت صديقا لها ولشعبها والشخص المناسب الذي من الممكن أن يعيد العلاقة بين شعوب البلدين إلى ما كانت عليه. أما بالنسبة لقطر وهي الدولة الصغيرة الغنية التي عرفت بالآونة الأخيرة بدورها السلبي مع اكثر من دولة عربية أهمها العراق وسوريا ومصر و بدعمها لحركة الأخوان المسلمين المتشددة، فقد شهدت في الآونة الاخيرة تغير حاكمها وقد بادر الامير تميم بإرسال أشارات إيجابية إلى باقي الدول أهمها طرده للقرضاوي و تسقيط جنسيته، وذم حركة الإخوان، وتوجيه دعوة إلى السيد عمار كونه رجل دين شيعي معتدل وزعيم تيار سياسي مهم في العراق كلها أشارات إلى أن الرجل ينوي تغير سياسة قطر الخارجية، واستجابة سيد عمار للدعوة مهمة لتوضيح حجم المذهب الشيعي في المنطقة وأنه اكبر من أن يمحى باتفاق دولة أو اثنتين وأن الشيعة لم ولن يحاولوا تغيير سياسة أي بلد ولكنهم يطالبون فقط بأنصافهم واسترداد حقوقهم المسلوبة، وأن من مصلحة قطر الابتعاد عن التشدد والتدخل السلبي في مشاكل الدول الاخرى.لقد حسًن السيد عمار صورة رجل الدين التي حاول أعداء الإسلام والجهلة من المسلمين تشويهها وربطها بالتشدد والقتل، وأثبت أن الدين لا يفصل عن السياسة وأن من مصلحة شعوب المنطقة الرجوع إلى مبادئ الدين الإسلامي الحنيف الذي ينادي بالتسامح ونبذ العنف والتطرف، ونتمنى ان تحركاته تشجع الاخرين على الحذو حذوه ليتوقف حمام الدم في العراق والمنطقة العربية.
https://telegram.me/buratha