هادي ندا المالكي
انهيار امني كبير جدا قد يكون هو الأسوأ في سجلات وتاريخ وزارة العدل المعروفة بكثرة خروقاتها بعد الاقتحام المبرمج الذي قامت به العصابات الاجرامية لتنظيم القاعدة ودولة العراق الاسلامية لسجني الحوت في التاجي وسجن ابو غريب والذي تم على اثره اقتحام السجنين وتحطيم تحصيناتهما في وقت واحد وبخطة تكاد تكون معروفة ومقروءة في اكثر من مناسبة وتهريب اكثر من (500) سجين بينهم قادة خطرين تابعين لتنظيم القاعدة الارهابي على لسان الحكومة واكثر من (3000) سجين على لسان الجهة التي نجحت بتهريب السجناء.ورغم فوضى التصريحات التي تطلقها وزارة العدل ووزارة الداخلية وحالة التناقض التي تغلف حقيقة ما جرى الا ان ما حدث في التاجي وفي ابي غريب ازال اخر اوراق التوت التي تستر عورات المنظومة الامنية العراقية برمتها وكشف كل عيوبها واثامها بعد ان يكون قد تم تحطيم اخر قلاع وحصون الاجهزة الامنية والتي تمثلت بمواقع السجون والتي يفترض بها ان تكون محصنة اكثر من غيرها وخاصة ان سجني ابو غريب والتاجي من المواقع والمسجلة ضمن المواقع المستهدفة اكثر من اي هدف اخر وعلى هذا الاساس يفترض ان تكون الدفاعات والتحصيمات بمستوى المخاطر والتحديات.واقتحام سجني الحوت وابي غريب سقوط مدوي وخرق فاضح للمنظومة الامنية وللجهد الاستخباري وفشل ذريع لمحاولات الردع والاسناد ليضاف هذا الانهيار الى الخروقات الكبيرة اليومية التي تضرب المدن العراقية من كركوك الى الفاو بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة والاسلحة الكاتمة والهجمات الدموية والتي تخلف ورائها عشرات القتلى ومئات الجرحى وبالتالي جعلت من شهر تموز شهرا دمويا بامتياز ووصلت احصائيات القتل اليومي فيه الى اكثر من ثلاثين قتيل يوميا بعد اضافة قتلى سجني الحوت وابو غريب وغير واضح كم ستكون الاحصائيات نهاية الشهر الحالي.وخرق سجني الحوت وابو غريب تمثل اخر دلالة على ان المنظومية الامنية في العراق قد كتبت شهادة وفاتها وان اجراءات دفنها ستتم في الايام المقبلة بعد ان تكون قد توقفت بكامل فعاليتها وامتداداتها ولم يعد لها اي وجود حقيقي على الارض وان الاسراع بايجاد البديل سواء على مستوى التخطيط او الدعم او التمويل او الاختيار او القيادة او تفعيل الجوانب الاستخبارية حالة ضرورية وملحة ولا تقبل التاجيل لان التجيل يعني مزيدا من القتل ومزيدا من الانكسار ومزيدا من الهزائم ومزيدا من الفضائح.وقد تكون المشكلة الاكبر والتي تستمر في عناوينها الرئيسية والتي تواجه العراقيين هي غياب الشجاعة والجرأة لدى القادة الامنيين والحكومة في اعلان فشلهم واعتذارهم وتقديمهم لاستقالاتهم الا ان عدم الاعتراف بالفشل والتمسك بالمناصب والمواقع الامنية مع استمرار الخطط الفاشلة وغياب الجهد الاستخباراتي واستشراء الفساد المالي والاداري واستمرار حالة المناكصة والاختلاف والاحتقان السياسي كلها عنواين بارزة تشير الى ان مسلسل الخروقات والانكسار سيبقى مستمرا ولن تكتب نهاية فصول القصة الحزينة الا بتغيير المنظومة الامنية وكل من له علاقة بها.
https://telegram.me/buratha