بقلم/عدنان السريح
عن الإمام الحسين عليه السلام قال: "منا اثنا عشر مهدياً، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي وهو القائم بالحق، يحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به دين الحق على الدين كله ولو كره المشركون"إن المظلومية في قضية الإمام الحسين عليه السلام واضحة وجلية، وهي أحد أبرز ملامح ومعالم واقعة الطف، و كانت هذه المظلومية مسألة مهمة طلب أئمة أهل البيت عليهم السلام إحياءها، سواء في إقامة المآتم وإحياء ذكرى عاشوراء أو حتى في موضوع شرب الماء وغير ذلك، وكانوا يصفون لشيعتهم مدى الثواب المترتب على ذلك وعلى البكاء على مصاب سيد الشهداء. عن الإمام الرضا عليه السلام "يا بن شبيب إن كنت باكياً لشيء فابكِ للحسين بن علي عليه السلام فإنه ذبح كما يذبح الكبش وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما لهم في الأرض شبيهون، ولقد بكت السموات السبع والأرضون لقتله" وهذا الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف نفسه يقول فيما ورد عنه في زيارة الناحية المقدسة "فلأندبنك صباحاً ومساءً ولأبكين عليك بدل الدموع دماً".بمظلومية الإمام الحسين عليه السلام تتم تنمية الروح الثورية والتوعية على القيم وزرع الهدى والصلاح في النفوس، ويتم إستنهاض الأمة وهذا ما يفهم من كون شعار أصحاب المهدي عجل الله فرجه الشريف "يا لثارات الحسين". فثورة الإمام الحسين بكل أبعادها لا سيما العاطفية والقدسية هزت ضمائر المسلمين، فلا نجد ثورة بعدها إلا استلهمتها في شعاراتها وأهدافها بل حتى رفع اسم الحسين عليه السلام، لأنها ثورة لها قدرة على تحريك الضمير الإنساني. وحيث إن الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ثورته عالمية، فإن أهم ما يكون باباً لاستقطاب الثوار في العالم إلى نصرته هو شعار يا لثارات الحسين.إن الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ليس بأقل مظلومية من جده الحسين عليه السلام، فمظلومية الإمام الحسين هي بعينها مظلومية له عجل الله فرجه الشريف فهو الإمتداد الجسدي والروحي لجده الثائر الذي سطَّر بدمه أروع معاني التضحية والفداء.للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف مظلومية أخرى، تتأتى من شيعته الذين يزيدون ظلامته ظلامة بذنوبهم وعدم جهوزيتهم لنصرته، وتوانيهم عن العمل للتمهيد لعودته ورجعته، فيطيلون بذلك فترة غيبته ويزيدون عليه آلام غربته.المهدي محقق آمال الحسين عليه السلام ومنتقم له، فإذا كان هدف الإمام الحسين عليه السلام كما عبر هو عنه، نشر الصلاح في أمة جده "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله" فإن الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف يبني على ما أسسه جده عليه السلام ويثمر جهوده وتضحياته، بأن ينشر الهدى والصلاح ليس فقط في أمة جدِّه بل في كل الدنيا، فحركة الإمام الحسين عليه السلام جاءت لتبقي الصلاح في أمة الإسلام، بينما تأتي حركة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف لتنشر الصلاح في البشرية بل كافة أرجاء المعمورة.المهدي عجل الله فرجه الشريف، هو اليد الإلهية المدخرة للإقتصاص من الظالمين والمجرمين؛ كل المجرمين وعلى رأسهم قتلة الحسين عليه السلام، لذا جاء في دعاء الندبة: "أين الطالب بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء، أين الطالب بدم المقتول بكربلاء...".قضية الإمام الحسين عليه السلام هي العدالة وحفظ الدين، والدفاع عن الأمة ودينها وقيمها من الظالمين والمنحرفين، حيث وصل الخطر درجة الخوف على الإسلام نفسه من طاغية الزمان حيث يقول عليه السلام: "وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براعٍ مثل يزيد".في معركة الطف كان الحسين عليه السلام وصحبه يمثلّون الحق كله والعدل كله وهم بقية أهل الإيمان في الأرض، وبالمقابل فإن الطرف المقابل يزيد وجلاوزته يمثلون الباطل والشرك والظلم والانحراف والانحطاط.والإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف هو بقية الله في هذه الأرض الذي ادخره الله ليقود الثورة النهائية على انحراف المسيرة البشرية وغرقها في الظلمات.
https://telegram.me/buratha