حيدر عباس النداوي
بغض النظر عن الأسباب التي دعت قائد الفرقة (17) اللواء الركن ناصر الغنام لتقديم استقالته والتي تباينت بين دوافع وأسباب شخصية وأسباب ودوافع مهنية إلا إن الاستقالة وما جاء فيها تجعلنا على أعتاب مرحلة جديد لم تظهر لها بوادر حقيقية على مدار السنوات الماضية والتي أعقبت سقوط نظام البعث ألصدامي عام 2003 وهي ثقافة الاستقالة رغم حالات الانكسار والذل والمهانة التي تعيشها الدولة العراقية بكل وزاراتها ومؤسساتها وكذلك عززت هذه الاستقالة النظرية القائلة ببؤس المؤسسة العسكرية وتخبطها وتخلفها.وناصر الغنام باستقالته التي أعلنها من على صفحته الفيسبوكية وما جاء فيها من أسباب تتعلق بعمل المؤسسة العسكرية وكيف أنها مؤسسة بائسة ومنحرفة ومنخورة وغير قادرة على القيام بواجبها في حماية ابناء الشعب العراقي كلها أسباب واقعية ومشخصة من قبل جميع ابناء الشعب العراقي بل ان العراقيين يعرفون اكثر بكثير مما جاء في ورقة وحيثيات الاستقالة الا ان الامر الوحيد الذي انطوى على شجاعة كبيرة لدى هذا الشاب المندفع والمتحمس والمتعجرف في نفس الوقت هو تقديمه لاستقالته عن منصبه الذي يمثل مغنما ومكسبا لدى كثير من المتحفزين بل ان هؤلاء على استعداد لشرائه بعشرات الآلاف من الدولارات الأمريكية لان فيه امتيازات ومنافع واستحقاقات يصعب تعدادها والوقوف امام محاسنها منها واردات الحوانيت والمقاولات والاستقطاعات من المراتب وعائدات السيطرات والمجاميع الإرهابية والفضائيين وحركات وتنقلات الضباط اضافة الى النثرية العامة والخاصة بكل مسمياتها وغيرها الكثير من الامتيازات الاخرى التي يمكن الحصول عليها من "تندر" مميزات قادة الفرق والمواقع العسكرية العليا.ومع ذلك يمكن اعتبار ما جاء في أسباب الاستقالة شجاعة حقيقية رغم قولنا بان جميع ابناء الشعب العراقي يعرفونها لان جميع من في المؤسسة العسكرية والقيادة يتحدثون دائما عن انجازات ومواقف رجولية ولا يفسحون المجال لاحد بالحديث عن الأخطاء والعيوب بل ان كل الحديث يكون جميلا ومنمقا سواء من قبل المتحدث الرسمي او من قبل قادة الفرق صعودا الى وزير الدفاع بالوكالة والوكيل الاقدم لوزارة الداخلية وانتهاءا بالسيد القائد العام للقوات المسلحة والذي يتحدث عن انتصارات وصولات ومآثر سيسجلها التاريخ بأحرف من نور حتى عندما تستباح مدننا يوميا وحتى عندما يدخل الإرهاب الى بيوتنا ويسبي نساءنا.استقالة الغنام قد تصمد الى ما لا نهاية وقد لا تصمد ويعود الرجل الى موقعه بعد ان يكون قد حصل على مبتغاه الحقيقي وهنا نكون قد رجعنا الى المربع الاول وهو ان ثقافة الاستقالة ليست شجاعة وانما دناءة يراد منها الحصول على الكثير من المغانم والمكاسب حتى ولو على حساب دماء وأشلاء الابرياء اما صموده وتمسكه باستقالته فربما يكون قد حطم ركنا اسياسيا من أركان دولة الفساد والفوضى ومهد لفتح بوابة حقيقية للاخرين لان يكونوا بمستوى المسؤولية ويحذون حذو هذا الرجل الذي سيكون عندها قد صنع تاريخا حقيقيا لم يتعلمه حكام وقادة العراق بعد.
https://telegram.me/buratha