بقلم علي الموسوي / هولندا
المتابع للشأن المصري يجد فيه الكثير من التناقضات الغير مفهومة فمنذ الاطاحة بحسني مبارك باتت البلاد على فوهة من بركان واصبحت مباحة لكل من هب ودب وانهالت عليها المليارات القطرية والفتاوى القرضاوية والفرمانات التركية والمؤامرات الأمريكية والصهيونية وأصبح المواطن المصري بين المطرقة والسندان فإما الفوضى والقتل واما حكم السلفية والاخوان !! ان التجربة السياسية في مصر هي الأقرب للمشهد السياسي العراقي من حيث التدخلات الخارجية والفتن المذهبية والدينية وايجاد حالة من ( الفوضى الخلاقة ) وادخال البلاد في نفق مظلم ومجهول وتدمير الاقتصاد والبنى التحتية وايصال العباد الى حالة من اليأس والوصول الى الحلم والحنين بالعودة الى الماضي والترحم عليه ! والمثل العراقي يقول ( يراونه الموت حتى نرضه بالصخونه ) وبالتالي القبول بالتبعية والتسليم المطلق للارادة الأمريكية والمصالح الصهيونية في مقابل وعود وهمية بارجاع الأمن وتحسين الأوضاع المعيشية والرجوع الى نقطة الصفر! وما حفزني لكتابة هذا الموضوع هو ما طالعتنا به صحيفة الأهرام المصرية ليل الأحد الماضي في توجيه القضاء المصري لائحة من الاتهامات للرئيس المصري المخلوع مرسي بالتخابر مع جهات أجنبية و التحريض على العنف واشاعة الفوضى بعد استماع النائب العام الى تسجيلات لأربع مكالمات هاتفية أجراها مرسي مع الرئيس الأمريكي اوباما والمرشد العام للاخوان محمد بديع وحركة حماس وأحمد نجل مرسي المتواجد منذ بداية الأحداث في تركيا للتنسيق مع الرئيس التركي أوردوغان !! كل هذه الوقائع تؤكد عن وجود مخطط دولي تقوده الادارة الأمريكية بالتنسيق مع دول خليجية وتركيا والكيان الصهيوني بالعمل على تفتيت وتجزئة الدول العربية المؤثرة والرئيسية في المنطقة وعلى رأسها العراق ومصر وسورية وذلك من خلال زواج غير شرعي بين ما يسمى بدول الكفر والالحاد والتيارات الاسلامية المتشددة وعلى رأسها تنظيم الأخوان والحركة السلفية المنقسمة بين الاعتدال النسبي والوهابية وتنظيم القاعدة التي اعترفت وزيرة خارجية أمريكا السابقة بيل كلينتون أمام الكونغرس الأمريكي بانهما صنيعة أمريكية يجب الاستمرار بالدفاع عنهما ودعمهما ماديا ولوجستيا .. لقد صرحت الادارة الأمريكية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في مناسبات عديدة ان من اول الأولويات لديها هو التصدي للعدو القادم وهو (الاسلام ) خاصة بعد تنامي الحركات الاسلامية التي أكتوت بالظلم من ديكتاتورية الحكام وانحياز الأمريكان الكامل والدول الغربية للكيان الصهيوني وتبنيها للجهاد واستخدام القوة ضد المصالح الصهيونية والدول الداعمة له وقد كان لانتصار حزب الله اللبناني على الكيان الصهيوني في حرب تموز حافزا آخرآ للقوى المعنية باعادة حساباتها في السيطرة على المنطقة ... لذا تبنت هذه الدول قرارات خطيرة في رسمها لشرق أوسطي جديد يعمل على تفكيك المنطقة وتجزيئها الى دويلات !! واسقاط بعض الانظمة العربية ونشر حالة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والتصالح مع الاسلام الراديكالي السني المتطرف وادخاله في عباءة الاسلام السياسي الأمريكي وتسليمه الحكم والرئاسة مقابل تعهد هذه الجماعات بعدم التعرض للمصالح الأمريكية والاسرائيلية والحكومات الخليجية وقد أوكل جزء من هذه المهمة الى دويلة قطر وقناتي الجزيرة والعربية وشيخ الفتنة الدكتور يوسف القرضاوي !! وكان المخطط الأول هو عزل المقاومة واخراجها من الفلك السوري اللبناني الايراني وللأسف الشديد نجحت قطر في استمالة حركة حماس الاخوانية باستدراجها وايقاعها في الفخ القطري الصهيوني الأمريكي وتشجيعهم على الانفصال واقامة سلطة أخرى في قطاع غزة في مقابل السلطة الفلسطينية المتمثلة بالرئيس عباس وتم ذلك كله بمباركة أمريكية اسرائيلة !! وأخرجت حماس من جلباب المقاومة الى موائد المفاوضات السرية والعلنية مع الأمريكان والكيان الصهيوني برعاية قطرية ومباركة خليجية كي تبقى في هذا الفلك التآمري !! ومما يثير الدهشةو الريبة هو تورط حماس في عمليات القتل والارهاب التي طالت الشعب السوري بمساعدة جيش العبيد وفصائل تنظيم القاعدة بعد ان كانت سوريا هي الحامية والداعم الأكبر للفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس !! ومن هنا تبدء مرحلة جديدة أخرى من التغير فيما بات يعرف بالربيع العربي وتجلى في تخلي الأمريكان عن العملاء والحكام والديكتاتوريات السابقة ولو بشكل مؤقت !! واستبدالهم بديكتاتوريات أتعس وأسوء وألعن بكثير ممن سبقوهم والطامة الكبرى هي استخدام الاسلام السياسي الأمريكي المتمثل في حكم الاخوان وتقديمه نموذج للديمقراطية الجديدة !! ولا شك ان هذا الأمر مدروس ومخطط له بعناية فائقة لإظهار حقيقة وأفكار هذه التنظيمات المتطرفة وكشفها للعالم في محاولة لتشويه الاسلام في كل العالم والعمل على ضرب القوى الاسلامية ببعضها وادخالها في تجارب سياسية أثبتت فشلها الذريع في ادارة الحكم !! لتأتي معها مرحلة أخرى في مخطط رهيب يهدف الى اشاعة الفوضى وانتشار الرعب بالقتل والتفجير والتفخيخ واثارة النعرات المذهبية والدينية ونشاهد هذا الأمر جليا ما يحدث اليوم في مصر والعراق وسوريا وفي دول أخرى يتواجد فيها تنظيم الأخوان كتونس والاردن وليبيا .. وقد يكون هذا الأمر غير مفهوم للبعض لسبب واحد هو تعمد الادارة الأمريكية ومن يدور في فلكها بخلط جميع الأوراق فلم يعد للمواطن البسيط التميز من هو العميل ومن هو الوطني ومن هو الديكتاتور ومن هو الديمقراطي وأخيرآ كيف نميز الاسلامي الحقيقي النزيه والشريف عن غيره !!!!؟؟ ولكن تبقى خبايا السياسة تحمل الكثير في جوانبها وطياتها ! فمن كان يتصور حجم العلاقات الحميمية بين رئيس أكبر تجمع عالمي اسلامي وهو الشيخ يوسف القرضاوي مع قادة وحكام الكيان الصهيوني واصداره لفتاوى تحرم محاربة اليهود والأمريكان وتشجع على القتل الطائفي واستهداف المسلمين الشيعة !! ومن منكم يصدق خطاب الرئيس المخلوع مرسي لرئيس الكيان الصهيوني بيريز بعد الأحداث التي طالت السفارة الاسرائيلية في القاهرة بوصفه نفسه بالصديق المخلص لأسرائيل وتبادل الرئيس بيريز نفس المشاعر الحميمه وان كل من مصر واسرائيل ستشهدان تطورا كبيرا في العلاقات المتميزه والاستقرار في ظل حكم الأخوان !! ومن كان يصدق كل هذا التنسيق المشترك بين دولة العدو الصهيوني والفصائل المسلحة في سورية واعتراف الصهاينة بتقديم كافة أنواع الدعم المادي والعسكري واللوجستي الى جيش العبيد ومنها علاج المقاتلين المصابين في مستشفيات العدو !! وهل يتصور البعض حجم التنازلات التي قدمها مرسي بالتخلي عن جزء كبير من سيناء وجزء آخر من قناة السويس لصالح حماس !! وأخيرا يتسائل المرء لماذا تستمر أمريكا وألمانيا في توبيخهم للجيش المصري وقائد عملية التغيير الفريق عبد الفتاح السيسي ومطالبته باطلاق سراح مرسي وارجاع الشرعية !!! نعم أصبحت كل الامور واضحة بعد ان كشفت النيابة المصرية وعلى رأسها النائب العام المستشار طلعت بركات عن وجود مؤامرة ومخطط كبير تقوده حركة الأخوان العالمية بالتنسيق مع شخص الرئيس الأمريكي أوباما والتركي اوردوغان ودولة قطر لايجاد سلطة رئاسية أخرى في مصر ويصبح هناك رئيسان وتقسم البلاد والسلطة على غرار ماحدث في قطاع غزة !!! بعد اظهاره لأربع مكالمات سرية يطلب فيه مرسي من المرشد بديع وحركة حماس بنشر الفوضى في سيناء وأماكن تواجد مؤيدي مرسي واستخدام العنف بين المتظاهرين والأغرب من ذلك كله هو سعي السفيرة الأمريكية باترسون بالضغط على السيسي لاطلاق سراح مرسي تمهيدا لذهاب الأخير الى مسجد ميدان رابعة العدوية واعلان نفسه رئيسا من جديد وانه لايزال يمارس صلاحياته الدستورية بدعم امريكي كامل !!! ولكي تكتمل المؤامرة وتنفذ بنجاح تم تهريب كميات كبيرة من الأسلحة بمساعدة حركة حماس من معبر رفح تحت أنظار الاسرائيليين ولكن مشيئة الله وفطنة وانتباه الجيش المصري منعت أكبر مؤامرة في التاريخ الحديث لتقسيم مصر والعالم العربي بعد ان اكتملت كل الفصول لتمرير هذه المؤامرات وبالتأكيد ستسقط عروش ومؤامرات أخرى بعد تغير أمير قطر وتنازله للحكم الى ولي عهده تميم لتنكشف اللعبة القذرة وينقلب السحر على الساحر ويصبح تنظيم الاخوان العالمي في ورطة حقيقية من الهزائم المتتالية فلم يعد أوردغان قادرا على حمايتهم خاصة بعد اهتزاز الأخير وسقوطه السياسي المحتمل وتبخرت أيضا آمال الاخوان في بلاد الشام خاصة بعد أخذ الجيش السوري المبادرة العسكرية وتراجع فرص المعارضة بالاستيلاء على الحكم بالقوة والأيام القادمة حبلى بالأحداث في تونس بعد تعاظم دور المعارضة التونسية ضد حكم المرشد غنوشي وجماعته بحركة تمرد جديدة وللتذكير لابد من الاشارة الى الدماء الطاهرة والزكية التي سالت وتسيل من جراء هذا الفكر التكفيري والعبثي للأخوان والحركات الارهابية المتطرفة والطائفية في جميع البلدان لن تمر دون عقاب وان الله عزيز ذو انتقام ...
https://telegram.me/buratha