هادي ندا المالكي
قد يبدوا الأمر خارجا عن المألوف ان يتم فيه توجيه اتهام مباشر الى الحكومة ممثلة بالقيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة العدل صاحبة الأمر ووزارتي الدفاع والداخلية في وقوفهما وراء عملية الهجوم الإرهابي الذي استهدف سجني الحوت في التاجي وسجن ابي غريب في المنطقة نفسها والذي أسفر عن هروب المئات من عتاة المجرمين التابعين لتنظيم القاعدة الإرهابي في حادثة وسيناريو يكاد يكون معاد في أكثر من حادثة تم فيها استهداف عدد من السجون وتهريب مثل هؤلاء المجرمين.ولغرض معرفة ما اذا كانت الحكومة على علاقة مباشرة او غير مباشرة بهروب سجناء التاجي وابو غريب علينا ان نصل الى مقتربات الأسباب التي تقف وراء حوادث الهروب المتكرر والاختراق المتواصل والذي يتسبب في كثير من الأوقات بإزهاق أرواح السجناء والحراس والمكلفين بإدارة هذه السجون،وابتداءا علينا ان نلغي فكرة ان تكون الدولة وراء عمليات الهروب بصورة مباشرة لانه من المستحيل ان تعرض الحكومة نفسها الى حرج وازمة هي في غنى عنها ولانه بإمكانها"اي الحكومة" ان تفعل ما تريد ولكن بطريقة غير مباشرة وبعيدة عن الربط والتفسير.لكن هناك كثير من الاسباب االغير مباشرة والتي تجعل من الحكومة شريك مباشر في حادثة هروب السجناء من اهمها عدم قيام الحكومة بتوفير الحماية الكافية للسجون المهمة والمعرضة لمثل هذه المحاولات وكذلك عدم تفعيل الجانب ألاستخباري وعدم القضاء على الفساد المالي والاداري وعدم تفعيل القضاء وعدم تطبيق القانون والتهاون في تنفيذ الاحكام، كما انه كان بامكان الحكومة وعلى مدار السنوات العشر الماضية ان تقوم ببناء سجون محصنة وفي مناطق نائية وبعيدة عن حواضن الارهاب يستحيل فيها وصول المجاميع المسلحة الى هذه الاماكن مثل نكرة السلمان في السماوة او في محافظات البصرة او ميسان او ذي قار الا ان الحكومة لم تلتفت الى هذا الجانب اللوجستي اما تعمدا او غباءا لان وجود هذه السجون قرب المناطق الحاضنة والراعية يسهل مهمة التخطيط والتنفيذ والهروب ويوفر مناخات جيدة للاختباء والغش والاختفاء على العكس لو ان مثل هذه السجون في المحافظات الجنوبية فان جميع عناصر المباغتة للمجاميع الارهابية والمسلحة تكون مفقودة وكل ما يتبقى محاولات فردية تتعهد الصحراء وابناء العشائر في القضاء عليها ووئدها.الأمر الأخر الذي يمكن ان يضاف الى الاسباب اعلاه التي جعلت من الحكومة شريك في عمليات هروب السجناء هو حالة الضياع والضعف والتخبط التي تواجهها الحكومة بسبب تراجع الوضع الامني وبسبب انعدام الخدمات وبسبب افتعال الازمات مقابل الاستماتة في التمسك بالسلطة والخوف على كرسي الحكم هذه كلها جعلت الحكومة تبحث عن ملاذات وممرات باي ثمن لخلق الاصطفاف ومثل هذا الاصطفافات الغير طبيعية من شانها ان تنتج افرازات تتجاوز كل الحدود وكل المفاهيم الاخلاقية والعقلائية وكان واحدا من هذه المفاهيم هو التهاون في عملية تامين حماية السجون رغم وجود معلومات استخبارية بهذا الشان وتسهيل مهمة هروب هؤلاء المجرمين كصورة غير مباشرة لتنفيذ العفو العام مقابل تواصل الحصول على الدعم المطلوب من قبل هذه الاطراف للحكومة وعملية استمراريتها.ان كل المعطيات تحمل الحكومة والمؤسسة الامنية كامل المسؤولية لما حدث في سجني التاجي وابي غريب وان اي تبجح او تعذر باسباب اخرى يمثل منتهى الاستهانة والاستخفاف بحقوق وعقول هذا الشعب الذي يعيش في حرب ابادة حقيقية.
https://telegram.me/buratha