خضير العواد
هناك تشابه كبير ما بين التجربتين لحكم الأخوان والدعوة والطريقة التي وصلا بها الى الحكم , فكليهما أعتمد على الماضي وأسماء القيادات التي يحترمها الشعب في كلا الدولتين كحسن البنا وسيد قطب في مصر والسيد محمد باقر الصدر في العراق بالإضافة الى المواجهة الدائمة مع الأنظمة الدكتاتورية وقد أختزل كلا النظاميين البائدين جميع أحزاب المعارضة تحت أسم هذين التنظيمين ، حتى أصبح تنظيم الأخوان أشهر تنظيم أسلامي معارض للنظام المصري وكذلك حزب الدعوة وكأن العراق ليس فيه تنظيمات أسلامية أخرى تناضل وتقدم التضحيات ضد النظام البائد إلا حزب الدعوة، بالإضافة الى تبني كلا التنظيمين النظام الإسلامي وتعطش الشعبين المصري والعراقي الى تطبيق التعاليم الإسلامية بعد أن جربوا الأنظمة العلمانية التي أذاقتهم الويلات وتعاست الحياة ، ولكن تبني تنظيم الأخوان الحكم في مصر بعد نظام فاسد في جميع المجالات لم يستطع هذا التنظيم أن يغير شيء خلال هذه الفترة القصيرة بالإضافة الى معارضة أنظمة الخليج والتنظيمات العلمانية في مصر لحكم الأخوان وسوء العلاقة ما بين الأخوان والأزهر بالإضافة الى الجيش وقوات الداخلية كل هذه العوامل أدت الى فشل تجربة الأخوان بعد أن خرج الشارع المصري الذي أنتخب الأخوان بالأمس ينادي بتغير النظام وأسقاط مرسي ، أما حزب الدعوة فكان نصيبه أفضل وصبر الشارع العراقي عليه أطول فبالرغم من كل هذه المدة التي حكمها الدعوة (كرئأسة وزراء بأعتبار كابينة الوزراء ترجع بالولاء الى تنظيماتها وليس لرئيس الحكومة) ثمان سنوات حكمها المالكي وقبله ستت أشهر الجعفري لم يلمس الشعب العراقي ( ما عدى الكرد لأنهم تحت سلطة حكومة أخرى) أي تغير حقيقي في جميع المجالات ، فأهم ملفان يؤرقان الشعب العراقي هما ملف الخدمات والإرهاب ففي كليهما فشل بهما المالكي فشل ذريع ففي ملف الخدمات وخصوصاً الكهرباء فقد صرح بهذا الفشل بنفسه عندما أتهم حليفه المقرب الشهرستاني بأعطائه أرقام خاطئة عن هذه الأزمة بالإضافة الى فشل مشاريع توليد الكهرباء لأنها تعتمد على الغاز والعراق يفتقد له في الوقت الحاضر، وأما مشكلة الإرهاب وتصاعد الإنفجارات والإختراقات الأمنية أثبتت فشل كل الخطط التي أستعملها المالكي ومنها المصالحة الوطنية التي يقودها الخزاعي والتي بذلت عليها الحكومة مئات الملايين من الدولارات ، فقد أثبتت التجربة أن الذي قام به الخزاعي من أجل المصالحة الوطنية جميعه للإعلام وليس له أي تأثير على أرض الواقع بل العكس صحيح كأن المصالحة الوطنية أصبحت غطاء لكل الإرهابيين تحميهم من كل الملاحقات القانونية وكذلك المطاردات الحكومية ، بالإضافة الى دعم المالكي للقيادات الإرهابية من أجل المصالح التنظيمية والحزبية كما هو الحال مع مشعان الجبوري وبقية التنظيمات الإرهابية والقيادات في الملفات الأمنية المتورطة في جميع الخروقات الأمنية وأخرها هروب سجناء القاعدة من سجن أبو غريب بهذا السيناريوا الهوليودي والذين لم يهربوا مع رفاقهم المجرمين فقد أصدر عنهم المالكي عفو حكومي كما هو الحال مع القتلة المجرمين السعوديين ، فلم يبقى لدى المالكي أي أداة يغيّر بها الحقائق حتى الكلمات النارية الموجهة للإرهاب وبعض قيادات القائمة العراقية التي تحمي القيادات الإرهابية وكذلك الأدلة التي يلوح بها بين الحين والأخر فقد لمس الشعب العراقي جميع هذه الأدوات التي يلوح بها المالكي يوفرها لمصالحه الشخصية والحزبية وليس لمصلحة الشعب العراقي وهي المخبئة في الأدراج لعدة سنين وقد تثار بين الحين والأخر حسب الظرف والمناسبة والموقع ، وقد أثبتت التجربة الطويلة مع هذا التنظيم أن قياداته عندها كفاءة بالتنظير والخطابات النارية التي زهقها الشعب العراقي ولكنه لايمتلك أي كفاءة بالحياة العملية وما تجارب هذا التنظيم في قيادة المحافظات بالإضافة الى الحكومة المركزية إلا أكبر دليل على ضعف الأداء وكثرت الفساد الإداري المستشري ما بين قيادات هذه التنظيم ، نظرت الإستعلاء التي يمتاز بها قيادات وأعضاء هذا التنظيم جعلته يتقوقع تدريجياً على نفسه وما موقفه من المرجعية الدينية وحلفاءه من التنظيمات الشيعية الأخرى كالتيار الصدري والمجلس الأعلى إلا أكبر دليل على هذه النظرة الإستعلائية الدونية ، بالإضافة الى الفترة الزمنية الطويلة التي قادها المالكي للحكومة قد قوضت كل الأعذار والأسباب وجعلت أعطاء فرصة ثالثة بمثابة مجازفة يصعب على الشعب العراقي خوضها بسبب المعانات التي عاشها ويعيشها في كل لحظة ، فكل هذه الأسباب ستجعل مصير حزب الدعوة كمصير تنظيم الأخوان ولكن عن طريق صناديق الأنتخابات وليس العسكر وهذا ما يرفضه أغلب الشعب العراقي لأن النظام الديمقراطي يعتمد على نتائج الإنتخابات في تغير الحكومات وليس القيادات العسكرية التي عشنا مأسيها لعشرات السنين .
https://telegram.me/buratha