مع حدوث كل عمليات تغيير في الأنظمة الحاكمة، تحدث بالتزامن معها عملية نهاية وبداية مجموعة من الادباء ورجالات الفن والإعلام سواء كانوا مع أو ضد، فنذكر على سبيل المثال في زمن العفالقة كان في مجموعة "مع" كميات كبيرة(أقول كميات لان من فقد ضميره فقد إنسانيته، وعندها يُقاس بالكمية) منهم عبد الرزاق عبد الواحد ورعد بندر وأمير الحلو وسعد البزاز والقائمة تطول ، وكان مع جنود الـ "ضد" كوكبة من الدرر الفاخرة أمثال محمد مهدي الجواهري وأحمد مطر وسيد سعيد الصافي وجابر الجابري وغيرهم، وبعض من الـ "مع أو ضد" قد يعيش العصرين فيثبت قوم ويضل قوماً آخرين، ويتلون بعض منهم تلون الرقطاء.
وبعد الانعتاق الكبير الذي حدث عام 2003م، انتظم الفريقان وبدأت مباراتهم في ملعب العملية السياسية والحياة الأدبية العراقية الجديدة، وشهد كذلك بروزٍ لأسماء جديدة، ومن بين هذهِ الأسماء برز أسم ابراهيم الصميدعي ككاتب وإعلامي ومحلل سياسي، الرجل منذ أن شاهدتهُ على الشاشة (وأذكر على قناة الحرة الأمريكية)، وقراءتي لبعض من كتاباتهِ فإنهُ يتصف بلغةٍ مهذبة ورؤيةٍ ثاقبة ونفسٍ عراقيٍ جميل، وكانت تحليلاته وأراءه فيها موضوعية ونظرة حيادية، وأنا شخصياً كنت من المتابعين لهُ متى ما طل في اللقاءات والبرامج ، مع ملاحظة إن الكثير من أراءهِ كان فيها جنوح وميل نحو رئيس الحكومة نوري المالكي (وبما إنها ضمن الإطار العام للتحليل والتعليق فلا ضير في ذلك)؛ ولكن فوجئت كما تفاجئ الكثيرون غيري بما كان في لقاء الأثنين الماضي والذي جمع الصميدعي ومجموعة صغيرة مع السيد رئيس الحكومة، فقد كان ابراهيم أكثر الحاضرين فرحاً بهذا اللقاء التاريخي العظيم!! . وكان أكثرهم مقاطعة لزملائه وأكثرهم شكراً للهِ على هذهِ النعمة التي ما بعدها نعمة!! .
أما الأبرز في هذا اللقاء فهو المدح المبالغ فيه والثناء المفرط والتمجيد الأحمد لرجلِ قال هو عن نفسهِ وفي نفس اللقاء إنه فاشل، بقرينةِ فشل كل الوزارات التي هو رئيسها، حيث أعلن إن وزارة التجارة فشلت فشلاً ذريعاً، ووزارة الكهرباء فاشلةٍ كاذبةٍ غبية، وملف أمني تطايرت آخر أوراق فضائحهِ بـ(هروب أو تهريب السجناء)، وفسادٍ ملى الأفاق في ظل حكومة دولة القانون، وفقرٍ نهش في عظام شعبِ صرفت حكومته أكثر من 600 مليار دولار، وسياسة خارجية وضيفتها كسب ذل لأسم العراق ولرعاياه في الخارج، وفوضى عارمة تعم البلاد، وفقدان ثقة بين أطرافها السياسية بسبب السياسات الخاطئة التي يتبعُها الماسك برأس السلطة.
أخيراً فان السيد ابراهيم الصميدعي أعلن في لقاء الأثنين عن وفاته، وطالب بمحو أسمهٍ من قائمةِ المنادين بعراقِ حرٍ ديمقراطي ودولة مدنية عادلة، وكتب الصميدعي بخط يدهِ إن سبب الوفاة هو احتراقهِ وتمسكهِ بجمرة نار عشق وطاعة القائد الضرورة نوري المالكي، الفائز بجائزة الأكثر فشلاً وفساداً في تاريخ العراق المعاصر ..
ـــــــــــــــ
(*) الرجل لازال حي يرزق ونسئلُ الله أن يطيل عمر السيد إبراهيم الصميدعي ولكن المقصود سيتبين من خلال قراءة المقال.
https://telegram.me/buratha