المقالات

خيار الانقلاب ..... حقيقة.... أم سراب؟!

576 14:00:00 2013-07-30

جواد أبو رغيف

سيناريو إسقاط نظام صدام حسين الذي بعثته "الولايات المتحدة الأمريكية" كرسالة تهديد وتأكيد إلى دول المنطقة على مبدأ "الأحادية القطبية" ، لم يسدل الستار عن مشهده الأخير، وتُركت نهاياته لما ستنجلي عنه فرضيات المعادلة على الأرض ،بيد انه مثل نقطة الشروع لتهشيم أسطورة "عقم الزعامة "و البدء بمرحلة قشط زعامات دكتاتورية عتيدة (صدام حسين ـ معمر القذافي ـ حسني مبارك ـ زين العابدين بن علي ـ علي عبد الله صالح )!بعد عشر سنين على التغيير في العراق شهدت الدول العربية عملية رج مفاجئة لبعض الأنظمة الدكتاتورية المتهالكة أسفرت عن سقوط مدوي لها وصف ب "الربيع العربي " ،نتج عن هذا الربيع حكومات ضعيفة ذات صبغة دينية أفرزتها صناديق الاقتراع تحت يافطة الديمقراطية.ظاهر تلك الحكومات يوحي كردة فعل على الأيدلوجية القومية التي حكمت معظم الدول العربية منذ خمسينات القرن الماضي ،بيد أن حقيقته "مشروع تقدمت به أحدى مراكز البحوث الأمريكية قبل عقدين من الزمن يوصي بإعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط وإنتاج حكومات ضعيفة تدمن الحاجة إلى الرعاية لضمان المصالح الأمريكية" القوميون... والإسلاميون!!التنظيمات الإسلامية التي ولدت متزامنة مع الحقبة القومية المنبثقة في خمسينات القرن الماضي مثلت ارقاً دائما للأنظمة القومية بسبب طبيعة الأيدلوجيتين فالقومية والإسلام طرفا نقيض . بعد تهاوي الأنظمة القومية العربية في (تونس ـ ليبيا ـ مصر ـ اليمن ـ ) برزت بشكل لافت التيارات الإسلامية كواقع سياسي على الأرض مثل نتيجة طبيعية لخلفيات الصراع السابق بين القوميون والإسلاميون ،وما أشبهه "بالنار تحت الرماد" (بسبب طبيعة تعامل الأنظمة القومية مع التيارات الإسلامية وقسوتها المتناهية في قمع نشاطات الإسلاميين حتى وصل الأمر في منعهم من ممارسة طقوسهم الدينية التي كفلتها دساتير السماء قبل دساتير الأرض، فضلا عن حملات الاعتقالات والإعدامات والتهجير إلى المنافي )! رياح التغيير لعبت دوراً في أذكاء جذوة التيارات الإسلامية لأخذ زمام المبادرة، ومن ثم حث الخطى باتجاه تحقيق حلم السلطة الذي طالما عاش في مخيلتهم لعقود والثأر لمظلوميتهم .فعلا تحقق لهم ذلك بدعم " أمريكي"(بمعادلة وصفها المراقبين بالغريبة فأمريكا تدعم السلفية في مصر وجبهة النصرة في سوريا وتحاربهم في أفغانستان)! مًثل تسنم الإخوان المسلمين في مصر الحدث الأبرز وشكل ذروة تداعيات الربيع العربي لما تمثله مصر من عمق عربي وإقليمي ودولي يمكن أن يشكل فرشاة لرسم خارطة سياسية جديدة على صعيد الشرق الأوسط . طبعاً سبقه تسلم الإسلاميين الشيعة في العراق سدة الحكم وتحديداً حزب الدعوة منذ ما يقارب العشر سنين ، ما يعني صعود حزبين عريقين لسدة الحكم "حزب الدعوة " و"الأخوان المسلمين "ببلدين مهمين وفاعلين بالشرق الأوسط هما العراق ومصر. فماذا يعني سعي أمريكا حالياً لإسقاط تجارب الربيع العربي بمنطقة الشرق الأوسط والمغرب العربي ؟أمريكا... تستدرك!!"صحيح أن أمريكا أحيانا تصنع الحدث ولكن قد تفقد بوصلته فتضطر لإعادة أنتاجه " مخطط أنتاج الحكومات الضعيفة كشف عن صعود التيارات الإسلامية بخلفيات مذهبية مختلفة .حتماً أن حكومات يافعة وحديثة النشوء على أساس ديني تحتاج إلى رعاية ودعم قوى خارجية طبعا ذات خلفيات دينية ، أعاد صراع "الدولة الفارسية والدولة العثمانية الممثل بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ونظام الإخوان المسلمين في تركيا بزعامة اردوكان" ، وفي الجانب الأخر إسرائيل التي ترقب الأحداث عن كثب وتتحين الفرصة لتحقيق حلم الدولة اليهودية . أمريكا التي أدركت حقيقة الصراع بين "الدولة الفارسية والدولة العثمانية والدولة اليهودية" في المنطقة ، وهذا ما تجلى بوضوح في الصراع السوري شعرت بخطورة الموقف فالصراع السوري دحض نظرية القطب الواحد! حيث ما عاد لأمريكا اليد الطولي برسم المعادلات والخرائط على الأرض فمحور (روسيا ـ الصين ـ إيران) فرمل المشروع الأمريكي على الأرض السورية . وهذا ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدفع بورقة العسكر لضمان مواطئ القدم الأمريكية على رقعة الشطرنج العربية ،فنشوب أي صراع بين دول النفوذ بمنطقة الشرق الأوسط في ظل الأنظمة الإسلامية يعني أن أمريكا خارج المعادلة !فكان الاوردر الأمريكي للجيش المصري (برفس) صناديق الديمقراطية والانقلاب على الشرعية الانتخابية .

مصر ...السيسي !!سيناريو الانقلاب العسكري في مصر صعق الرأي العام العربي وشكل صدمة كبيرة ،بعد ما ُظن أن زمن الانقلابات العسكرية ولى إلى غير رجعة في ظل رياح الديمقراطية . مرت الأحداث أشبه بحلم أفاق منه الأخوان ليجد الرئيس "محمد مرسي" نفسه في السجن مرة أخرى إلى جانب "حسني مبارك" بأمر قائد الجيش السيسي، وليصبح لمصر رئيسين في السجن!تغيير الأنظمة بهذه الطريقة التي تشبه تقليب صفحات رواية بوليسية! تؤشر بؤس الأنظمة العربية وضحالة تفكير قياداتها وقصر رؤيتها وتخلفها على مدى عقود بالنهوض بواقع المواطن العربي وتفتيت هويتة الوطنية والثقافية والدينية ما سبب غياب مفهوم المواطنة وعمق الهوة بين طبقات المجتمع .هذا الواقع المرير الذي عاشه المواطن العربي تحت نير أنظمة ليس لها طعم ولا لون ولا رائحة فلا تعدو الشعارات الرنانة التي ترفعا سوى لقلقة لسان جوفاء ليس لها اثر في الواقع ، لم يجعل من ساحته ارض رخوة تستقبل جميع المشاريع الوافدة فقط، بل جعلته اداة لتنفيذها أحيانا !.من هو ...سيسي العراق ؟!أمريكا التي تسابق الزمن لاستنساخ أكثر من "سيسي" في المنطقة لضمان مصالحها، بعدما وعت درس السيناريو السوري ومآل الصراع فيه. سوف تسعى لعودة حكم المؤسسة العسكرية بمرجعية سعودية ورؤوس أموال خليجية(والدليل القرض الفوري لمصر بعد الإطاحة بمرسي بقيمة 12 مليار دولار) وتصدير السعودية للزعامة العربية مرة أخرى لترحيل طموح "الدولة الفارسية والتركية واليهودية" وللحفاظ على ريادة الدور الأمريكي بالمنطقة .حتماً أن هذا الأمر يتم عن طريق الانقلابات العسكرية وذلك أسرع من تخمير المشاريع وعمليات التغيير عن طريق الانتخابات التي تستغرق وقتا طويلاً قد تُفقد الولايات المتحدة الأمريكية خلاله مربعات جديدة من مساحة نفوذها ،سيما مع "صحوة الروس" في الملف السوري وتنامي عودة "الثنائية القطبية".الخيار الأمريكي للعودة إلى الاستبداد في العراق عن طريق حكم العسكر مطروحة على الطاولة ، ولاشك أن أدوات هذا الخيار معدة فجنرالات الجيش العراقي السابق المتواجدين في مكتب القائد العام للقوات المسلحة وفي وحدات الجيش بقواطع العمليات يمثلون عصب القوى الأمنية الحالية ،وليس من المستبعد وجود تنسيق للإدارة الأمريكية مع بعضهم ، فخيارات الدوائر الأمريكية لا تطرح بعفوية وكما يقول المثل العراقي "ليس هناك نار بلا دخان " !

(بروفة)... الحوت وأبو غريب!!الهجوم الذي نفذته مجاميع مسلحة على "سجن الحوت" في التاجي و"السجن المركزي" في أبو غريب وتبنته فيما يعد القاعدة مثًل سابقة خطيرة لم تحصل في دول تشهد تمرد المسلحين منذ عقود ، طريقة الهجوم والأعداد تؤشر وجود "حاضنة مناطقية " ومساحة عزل مؤمنة بتواطى امني كون الأرض ممسوكة من قبل القطعات الأمنية التي تجاوز عدد أفرادها "المليون" !وتكشف عن تعاون استخباري خارجي على مستوى كبير!ترى لماذا لم تتحرك القطعات العسكرية القريبة ؟ ومن هو الذي قطع شبكة الاتصال؟ وأين الجهد ألاستخباري ؟ وخبراء التفخيخ يؤكدون حاجة الإرهابيين لوقت كبير لتفخيخ عجلة واحدة ،فكيف فخخت تلك الأعداد ونفذت الهجوم بهذه السرعة والتوقيت ؟المواطن الذي يبحث عن الأمان المفقود منذ سنين حتى مع وجود هذه الأعداد من القوات الأمنية ! يعيش الآن هاجس أمكانية حدوث انقلاب عسكري ونشيج البيان رقم واحد لإنقاذ الشعب!! أن كسر هيبة الدولة الذي مثله الهجوم والاعتصامات في المنطقة الغربية منذ شهور وتصاعد الأصوات لتظاهرات عارمة في الجنوب (سبقت تظاهرات الانبار لكنها رحلت لإعطاء الفرصة للحكومة لتحسين واقع الخدمات لكن الفشل الحكومي في جميع الملفات وآخرها "الملف الأمني ") ما هو ألا ضوء اخضر يهي للانقلاب. لكي نوقف الانهيار!!احد أهم مرتكزات الحرب النفسية " تهيئة الخلفية للحدث " وكما يقول خبير العمليات النفسية "تشو مسكي" انك عندما تريد أن تقوم بفعل تجاه هدف عليك أن تخبر الآخر لماذا قمت بهذا الفعل ؟ من هنا فأن العمليات الإرهابية التي بطشت بالشعب العراقي وانسداد الأفق السياسي ووصول الأمور إلى شفى الانهيار ،سيبرر لأمريكا دعم خيار الانقلاب بذريعة قطع الطريق على القوى المتطرفة من الوصول للسلطة و تهديد السلم الأهلي بالعراق و المنطقة ،سيما وان العراق خرج من الفصل السابع وبهذا لا يحق للولايات المتحدة التدخل المباشر بالملف العراقي!لاشك أننا نشهد فوضى عارمة وان الحكومة تعيش أزمة خانقة وليس أمامنا سوى خيارين لا ثالث لهما لسحب البساط ممن يريد الأضرار بوطننا فأما "خيار الفوضى التي تؤدي إلى الانقلاب " أو "خيار الحوار الذي يؤدي إلى الاستقرار"

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك