بسم الله الرحمن الرحيم
الترقب والقلق والاندهاش والتعجب من جملة المشاعر التي نعيشها في واقع تتقلب صفحاته بسرعة مذهلة من دون اعطاء الفرصة للاستيعاب واستلهام العبر مما يحصل , حدث بعد اخر وقول بعد اخر وفعل بعد اخر وثورة بعد اخرى في متتالية هي الاصعب والغاز هي الاقوى وبين كل هذا تقف متاملاً افواه الاخرين !.
افواه تتصارع في ما بيها سياسيا ً وعقائديا ً واقتصاديا ً واجتماعيا ً وما كان الامر ليكون مقلقا ً ومخيفا ً وفي كثير من الاحيان مملاً لو ان زاوية الاختلاف كانت صغيرة فالمشكلة تكمن ان الاختلاف وصل حد النقيض والتطرف ولما كان الاعلام يتبع كل ما فيه اثارة فلقد ساهم بقوة في تسليط الضوء على نقاط الاختلاف اكثر ليشتد الطلب على تلك القناة ولتكثر الاتصالات والمشاهدة وصولا ً الى كسب مادي تقتات منه القنوات والصحف والضحية انا وانت من مراقبي الافواه .
مرت سنوات وباتت النتائج تظهر سلبية علينا فلقد اصبحنا نتبع كل ما هو فضحية وكشف اسرار وعنوانين حماسية وليس في ذلك عيب لو كان لنا توجه للنصح والارشاد وللعناوين الهادفة الموجودة في الاعلام بذات المستوى , ولكن الكفتين غير متساويتين والنتيجة اننا نشحن بالغضب والتشدد ونشعر بعدم الارتياح نتيجة كل هذه النقاشات في البرامج السياسية والمناظرات الدينية وان كان فيها خط عادل ونهج سليم ولكني اجده يصرف جهده لافهام الجانب الاخر الاصم واشعر اني احق بذلك الوقت ولكن كيف ؟
معركة الافواه بدأت في مرحلة ما بعد السقوط بعد ان كانت مكممة في داخل العراق ومن ثم جاء الفرج وبدأ الجميع بالكلام دفعة واحدة وكان الامر هو الاصعب لمن كان داخل العراق وهو يراقب الافواه وهي تشير للطرف المقابل وتهمز باشياء اضطررنا لفهمها الى قراءة المتكلم لثلاثين سنة خلت لنعرف ما حل بالعراقيين في الخارج ممن ظننا خطاً ان الغربة قد صانتهم من الفتن بينما هم غارقون فيها حد التناحر حتى جاءوا والماضي معهم وال الامر الى ما هو عليه .
اشعر بحاجة ملحة لظهور شخصية طالما اشرت الى ضرورة وجودها على الساحة اما اليوم فاجد ان الضرورة اصبحت ملحة الا وهو شخص الداعية الاسلامي الذي يكلمني انا المستمعة لا فاها ً اخر مناظر له ,داعية يكون صاحب شهادتين اكاديمية علمية واخرى اسلامية وصاحب اطلاع واسع على الحضارات الاخرى وقبل هذا وذاك انسان يعرف كيف يدخل الى القلوب فهو عاشق لما اقتنع به وبذلك يسهل عليه مخاطبة القلوب ايذانا ً لادراك العقول ومتصل برجال الدين فهو حلقة وصل بينهم وبين الناس وليس الغاءا لدور رجل الدين وتلويحا ً لعدم فاعليته معاذ الله ولكن امرا ً تكامليا وتفصيلا لاجمال رجل الدين ووجهاً مبسطا ً للبسطاء ومظهرا ً عصريا ً للمنكمشين من العمائم وتحديثا ً وطمئنا ً للافراد خاصة الشباب .
وعلى سبيل المثال فكم من رجال الدين غارقون في التصدي دفاعا ً على المذهب المقدس وهم جنود الله وحماة دينه ولكن كم من معتنق مذهب لايستطيع التخلي عن المحارم كما الغناء وهنا لا يكفي تصريح رجال الدين بالحرمة وقد انغمس الشباب في الامر حتى صار مخالطا لحمهم ودمائهم فهنا يأتي دور الداعية الذي يكلمهم لساعات في برامج ويحثهم على وضع الخطط للتغيير ويتابع معهم واقرب مثال هو الداعية عمرو خالد المصري ورغم ان منهجه يختلف ولكن في العموميات ينفذ الى قلوب الشباب فأين نظيره في مذهبنا ؟.
تلاطمت الامواج بنا بعد السقوط حتى هدانا الله الى كتاب كانوا هم اطواق النجاة لنا لمعرفة ما حصل لندرك ما سيحصل بعد ان منع عنا الطاغية المعرفة وطرق التفكيرالسليم فلا نهج الا نهجه الاعوج ولكن كم وفق لمثل ذلك ؟! ان الاعلام المرئي هو الاسرع نفاذا الى الشخص منه الى المقروء والحقيقة ما يحتاجه الفرد هو الاصلاح في نفسه ليصلح المجتمع لابد من كلمات نوراية تنفذ الى القلوب التي تلوثت رغماً عنها في اغلب الاحيان وتحثها على الاعتراف بالخطأ ومن ثم تضع اليات لاعادة بناء الذات الاسلامية الرصينة بتوفيق من الله .
سلسلة نشرتها براثا عنوانها حتى يغيروا اجدها لبنة رائعة لهكذا مشروع وكاتبها شخص تليق به هكذا مسؤولية لامكانيته الجيدة وهو الكاتب نزار حيدر وحبذا لو تبنت احد الفضائيات هكذا عمل وبنفس العنوان وحقا ً لنا شباب لهم القدرة على التغير ففي ايام الجامعة كان الطلبة يتابعون عمر خالد وهو يضع اسبوعا للتسامح واخر للنظافة واخر لصلة الرحم وينفذون ما يطلب فلماذا لا يكن لنا داعي من بيننا يزرع بأذن الله بذور امل عسى ان تنمو جذور الطيب من جديد في مجتمع يحتاج الى اصلاح .
في النهاية اتقدم بالاعتذار لو اننا نمتلك هكذا دعاة ولهم دورهم ولم نعرفهم فحقيقة بحثت في الانترنيت عن غايتي فلم اجد وربما تواجد في فضائية ما او في شارع ما او في جامعة ما فاستحق عذري لبخسي حقه ولكن ظاهر الامر ان الاعداد المعتنقة لهذه المسؤولية قليلة او ان مساحات عملها لم يسلط عليها ضوء .
بحاجة الى مسرح ومسلسلات اصلاحية واعلام همه الوحيد اصلاح الذات قبل كل شي ء فلقد نشر الاعلام وبين كل شيء قبيح من فساد وقتل ودمار وجرائم ونفاق ودجل حتى اسودت الدنيا في اعيننا الا ما رحم ربي وبحاجة الى فسحات امل وبرك ماء نقي ننهل منه ونرتوي .
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله الغر الميامين
المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha