جمعة الوداع في كل رمضان ،ومنذ نداء السيد الخميني عام 1979م ،تجبر امة عظيمة التعداد ،هائلة الأمكانيات ،تنتشر على جميع مساحة اليابسة على الأرض
،تدعى الأمة الأسلامية ،على الأستفاقة من نوم ثقيل يلفها ، تنهض ملبية النداء مستذكرة جزءا ً عزيزا ً منها اغتصبه الصهاينة بمعاونة الدول الأستعمارية ،هو فلسطين وقدسها السليب ،اولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى الرسول محمد( ص) .
انها جرح نازف لايندمل يشعر الأمة بالذل مهما بلغت من تقدم ومهما حققت من منجزات ، فكيف بها والحال حالها اليوم تعيش ضياعا ً حقيقيا ً وتفككا ً واضحا ً تستعد وتهيأ نفسها ليس لأداء الواجب الشرعي والتكليف الأخلاقي في الشروع بالتحرير ،بل لقتال بعضها البعض وتفكيك اوصالها .
ثورات جبارة حرف مسارها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد اطلق شباب الأمة ثورات جبارة كبرى كان يمكن ان تنقل الأمة الى مواقع متقدمة في الأستقلال الحقيقي والعودة الى ذاتها الحقيقية ،كأمة كبرى تمتلك اكبر امكانات على هذه الأرض ، غير انها وبسبب غياب القيادات المؤهلة لهذه المهمة ،او بسبب تغيبها من قبل القوى الكبرى التي تملك المال والأعلام والسلاح والدعم اللوجستي ،فقد حرفت عن مسارها الحقيقي في اعادة هيبة الأمة ،الى أتجاه يخدم اهداف ومصالح الصهيونية العالمية التي تحرك هذه الدول ، وبدأت مع شديد الأسف تعود على بلدانها بالخراب وتدمير البنى التحتية والأحتراب الداخلي وبدى ما سمي بالربيع العربي يبدو ربيعا ً وهميا ً وخاليا ً من اية خصوبة منظورة .
اهمية يوم القدس
ــــــــــــــــــــــــ
تكمن اهمية يوم القدس في ان جميع شعوب الأمة الأسلامية سواء في دول وحواضر الأسلام او في البلاد الأخرى بعيد عن دول الأسلام ، يجدون انفسهم وقد توحدوا في التوجه الى فلسطين حيث القدس الشريف ،وبمختلف شرائحهم وطوائفهم ومذاهبهم ، يشعرون ولو معنويا ً العدو الغاصب ان ما قام به من جريمة كانت خطأ تأريخي لايمكن اصلاحه ابدا ً الا ّ بأستئصاله من ارض فلسطين وأعادة فلوله من حيث اتت ،وان كل مايقوم به من دسائس ومكائد وتحصينات لن تنفع امام طوفان الأمة في وقت انطلاقه ،وان عليه ان يستذكر جيدا أن فلسطين وقدسها قد احتلت لعشرات المرات عبر التاريخ ولكنها عادت في النهاية الى اهلها ، كما انهم يشعرون العدو ان ارض فلسطين لاتعود الى الفلسطينين وحدهم بل انها ملك هذه الأمة الهادرة التي لابد وان سيأتي يوم وتنتبه الى حالها وتستفيق استفاقة حقيقية .
نداء الى الأمة في يوم القدس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما يدعونا الله تعالى للقوة الذاتية والتهيؤ :
{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)} الأنفال
انها ليست دعوة للقتل والأحتراب بقدر ما هي دعوة لتعزيز القوة الذاتية للأمة الأسلامية والتي يتأتى منها العزة والكرامة واحترام الأمم ،فعندما تكون قويا ً تربح السلام ويخافك عدوك وتنال حقوقك ولايطمع بها طامع .
هل كان رسول الله يريدنا طوائف تقاتل بعضها البعض وينتحر شبابنا ليفجر آخرين منا لاذنب لهم مسلمون ام غير مسلمون ماداموا في بلادنا ،اين نحن من قادتنا في صدر الرسالة وهم يوصون المحاربون :
ان لايقتلوا شيخا ًولاطفلا ً ولايعتدوا على أمراة ولايدمروا ممتلكات وقد ملكوا قلوب البلاد التي حرروها ودخلت الأسلام بسماحة ونبل الدين الحنيف ليس بالسيف، فأكبر دولة اسلامية اليوم لم يدخلها المحاربون .
انها بدع لتشويه ديننا ولأذكاء الفتنة في داخلنا وهدم وحدتنا .
ينسج احبار العدو روايات ينسبونها الى التوراة الرائجة تعمل على زيادة الوحدة في داخله وزيادة الهجرة الى كيانه من ارجاء الأرض ،وهو ينظر الى ارضنا من الفرات الى النيل ليسكن افواج اللمام من الصهاينة عليها ،فأن صالحنا اليوم فصلح مؤقت فأنه سيبدأ بأغتصاب اراضي جديدة حالما يكون قادرا ً عليها ،أنه فكره التوسعي الذي يعيش عليه ويغذي النشئ الجديد منه ويصرح به قادته ،ونحن والعالم يدرك اليوم ان جلوسه في ارض فلسطين كان خرافات في اذهان رهبانه وأحباره فأصبح اليوم واقعا ً يفرضه علينا بقوة السلاح ،وحكاية سيناء معروفة للعالم حيث بعد ان احتلها كيان العدو طلب من مصر ان تثبت أنها ارض مصرية لأنه يفكر ان ارضنا هي أرضه .
صحيح ان حكوماتنا تفرض تعتيما ً على الداخل الصهيوني ونحن لانرغب ان نعرف شيئا ً عنه لأننا سنحس بنقصنا وبهزيمتنا ونحن الأمة التي تملك كل مقومات الوحدة والقوة في الكون اليوم ولكن العدو افضل منا وحدة رغم انه لمام من كل اصقاع الأرض ،وهو الذي يكر ويصول ويجول في ارضنا ويضرب دولنا دون ان نقوم بالرد !
ليس لنقص فينا ولكن لأننا مشغولون ببعضنا البعض وقد انهك بعضنا البعض ونتجه الى التقزم ليبرز العدو سيدا ً في المنطقة .كيف بالله نجاهد ونحن نقتل العراقي والسوري واللبناني والتونسي والمصري والليبي و…وبالمقابل الصهاينة يصولون ويجولون في ارض فلسطين ويعتدون على نسائنا وأطفالنا ويذبحون شعبنا في فلسطين وتصل مؤامراتهم ودسائسهم وطائراتهم الينا ،ويقومون بتدمير كل ما توفره الفرصة لهم في دولنا كما حصل في فلسطين والعراق ولبنان وسوريا وغيرها .
لماذا لايكون جهادنا لتحرير المسجد الأقصى ،حيث تنقل الفضائيات يوميا ً صور اعتداء العدو على حرمته ومحاولته هدمه وأقامة هيكلهم المزعوم مكانه . ان لم يقنعنا هذا فليتفق عقلاء الأمة على ترك الخلافات وان ما يعتقدونه من امور حصلت في الماضي يرجعون حكمها الى الله تعالى هو الحكم العدل ولنتمسك اليوم بالثوابت العظيمة التي هيأها لنا ديننا العظيم ولنعيش أقوياء نجتمع على كلمة سواء بأن الله ربنا ومحمد نبينا والأسلام ديننا والقرآن كتابنا وليمارس كل منا شعائره وطقوسه الدينية كما يحلو له :
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [آل عمران : 103]
،ألم يعش بيننا اليهود والنصارى والصابئة وغيرهم في دعة وأمان وهم يمارسون طقوسهم الدينية وشعائرهم ، عجبا ً لماذا نقتل بعضنا بعضا ً ونحن مسلمون ،كما ان هذا العالم الواسع من حولنا كل دوله تحوي طوائف وقوميات واديان ولكنها تعيش متسالمة .
ليكن يوم القدس الشريف يوما ً لنقد الذات وتصحيح المسار ،حيث ان العدو الحقيقي واضح لا لبس فيه ،وان اقتتالنا مع بعضنا هو اثم وذنب ما بعده ذنب لن يغفر الله لنا عنه ونفقد فيه الدنيا والأخرة .
1/5/13803
https://telegram.me/buratha