الحق المهتضم
إن القلم ليحار و الكلمات تصمت في رحاب شهيد ٍ أعطى كل وقته وأخيرا ً قدّم حياته قرباناً في محراب الفضيلة و العقيدة . ليرحل من هذا الدنيا بعد رحلة مضنية و تعذيب جسدي و نفسي لما يقرب من سنة في الشعبة الخامسة أو في سجن أبي غريب السئ الصيت . إقتلعوا عينيه قبل إعدامه و قد إستلمه نجله و جميع مفاصل جسمه متكسرة .
كان ذلك في أواخر شهر رمضان المبارك من عام 1402 هج 1982 م . وبعد إعدامه مثّل أزلام النظام بجسده الطاهر وكسروا جمجمته وشوّهوا معالم وجهه. ولم يكتفوا بما مارسوه معه من التعذيب حال حياته . وقد تعرّض(قدس سره) لأنواع التعذيب وصنوفه وليس ذلك إلا أنهم كانوا يرون في وجوده خطراً عليهم ،. و كان الشهيد(قدس سره) أخبر من معه في المعتقل في إحدى ليالي الجمعة من شهر رمضان المبارك 1402 هـ أنّ الفرج يوم غد : يقول الناقل فبتنا ليلتنا على أحرّ من الجمر للإفراج عن الشهيد(قدس سره) ،
وفي صباح ذلك اليوم ـ الجمعة ـ خرج الشهيد(قدس سره) وهو يمشي بخطىً متّئدة وبعزيمة المؤمنين الذين يرون في إعدامهم السعادة الأبدية والفوز برضوان الله تعالى، خرج(قدس سره) رافع الرأس غير مكترث، وكنّا نتصوّر أنه (قدس سره)خرج من السجن وأُفرج عنه لكنّه ظهر في ما بعد أنه اقتيد إلى ساحة الإعدام .ذلك الشهيد السعيد هو مفخرة الحوزة العلمية في النجف الأشرف آية الله السيد محمد التقي الحسيني الجلالي ممثل المرجعية في ناحية القاسم بن الإمام موسى بن جعفر ــ محافظة بابل .فلنقف بكل خشوع أمام علم ٍ من أعلام مدرسة النجف الأشرف و كوكب من كواكب شهدائها الأبرار . و إن لم نف حق الشهيد و لكن وتحت قاعدة ( الميسور لا يسقط بالمعسور ) أقول و بإيجاز لتصادف ذكرى رحيل هذا البطل في مثل هذه الليالي الشريفة لعلنا نوفق للوقوف على بعض انجازاته و مشاريعه التي لم يطلع عليها الكثير من أتباع مذهب أهل البيت الأطهار ع .و ردا ً للجميل الذي في أعناقنا لهذا ( الحسيني الجندي المجهول ) الشهيد الجلالي ، وألطافه التي غمر بها ناحية القاسم ع و التي كان النظام المقبور يعبّر عنها بــ ( بؤرة الفساد ) .حتى أن المجرم مسلم هادي الجبوري رئيس محكمة الثورة وقتها، عند استدعاء الشهيد(قدس سره) في إحدى المرات خاطبه قائلاً : إنّ الخطأ الذي وقع فيه الحزب هو إبقاؤك حياً لحدّ الآن .و هذه الاطلالة الشريعة و الموجزة هدية لكل من عرف الشهيد السعيد من قرب . فعلى بركة الله أبدأ بالمشاريع التي أسس لها و التي أولاها عناية شديدة و بذل جهودا ً جبارة في ذلك و أولها ما يخص المرقد الطاهر للقاسم ع :1ــ مشروع توسعة الصحن الشريف لمرقد القاسم بن الإمام موسى بن جعفر ع من جهة باب القبلة و كان التصميم و خريطة البناء جاهزة لديه ، فلما لم يجد الرغبة من أصحاب الدور المجاورة في البيع توقف المشروع الآنف الذكر .2 ــ مشروع العمل على بناء دورات مياه على طراز حديث خارج الصحن بعد أن بدأ الخلل واضحا ً في هيكل القبة الشريفة للمرقد الطاهر ، و قد كان المتبرع من تجار بغداد قد أبدى إستعداده بكلفة البناء ، و لكن حال دون العمل بهذا المشروع عدم تجاوب مجاوري الصحن الشريف من بيع أملاكهم مع أن الشهيد بذل لهم مبلغا ً مغريا ً جدا ً و وعدهم بإيجاد قطعة أرض يختارونها قريبة من المرقد الطاهر .3 ــ صممّ خريطة لتوسعة المرقد الطاهر و التي تقوم على أربعة أركان من الداخل .بعد أن بدأ الخلل في بناء القبة الشريفة بسبب المياه الجوفية في الصحن الشريف ، و لكن إدارة أوقاف بابل في زمن طاغية العراق منعت هذا المشروع و بأمر من الطاغية المقبور ، من عدم بناء و لو صخرة واحدة بدون موافقة الأوقاف و كان نص كلام مدير الوقف آنذاك والذي سمعته شخصياً منه في الصحن الشريف ( نگص إيده اللي يبني طابوگة وحده بالصحن ) . بعد أن سمع من أحد الخدم : أن السيد الجلالي له مشروع بناء متكامل للصحن الشريف .4 ــ البدأ بتذهيب القبة الشريفة للمرقد الطاهر و قد بدأ العمل الفعلي حيث اُحيطت القبة الشريفة بحزامين من الطابوق المطلي بالذهب ، مضافاً الى العشرات من الطابوق المطلي بالذهب التي صودرت من قبل أزلام الأمن الصدامي المجرم بعد ان تم إعتقال الشهيد السعيد .و التي كانت في بيته المجاور للمدرسة الدينية في القاسم ع ، و كان عبد صدام الزنيم ( رجل الأمن ,,, ) يضرب ...... و يدحرجها برجله مع ضباط الأمن الذين جاء بعضهم من بغداد و الذين كلفوا بمراقبة المدرسة الدينية و بيت الشهيد الجلالي .5 ـــ مشروع إكساء القبة الشريفة من الداخل بالمرايا التي كانت في مخازن الصحن الشريف و هي من أفخر أنواع المرايا بــ ( صناعة هندية ).6 ـ تصميم لبناء حديث لمكتبة الامام الحكيم (قده ) فرع القاسم ع . و هي أول فرع من مكتبات الامام الحكيم (قده) العامة في النجف الأشرف .7 ــ مشروع بناء حوزة علمية على حدود الناحية بإتجاه الذاهب الى محافظة بابل على أرض مساحتها ( 2000 ) متر مربع و التي تبرع بها أحد المحسنين لتكون سكناً لطلاب العلوم الدينية من غير أبناء الناحية من الوافدين للدراسة حيث كان عدد طلاب الحوزة وقتها ما يقرب من ( 45 ) طالباً .8 ــ مشروع بناء مراقد السادة من أولاد الأئمة الأطهار ع . إذ من المعروف أن الأرض ما بين محافظة بابل و محافظة القادسية تضم عشرات المزارات لقبور أبناء الأئمة ع و الطوامير تحت الأرض لعوائل العلويين و الذين تمت تصفيتهم من قبل حكام الرذيلة و الفجور من بني العباس الذين كان قضاء الهاشمية مقرا ً لدولتهم الظالمة ، قبل إتخاذ الطاغية المنصور بغداد عاصمة لدولته ، و التي لازالت بصمات و أسماء الخلفاء العباسيين أصحاب الليالي الحمراء و الخمور و الفجور تترنح على شوارع العراق خصوصاً عاصمتهم البائسة بغداد الرشيد . ألا لعنهم الله و لعن من سار في ركابهم و من أراد لهم و لأسماء رجسهم البقاء .و لئلا يطول المقام بقارئي الكريم أتابع البحث في حلقات اخرى لوضع النقاط على الحروف عن مدينة ظلمها التأريخ و المؤرخون الجدد ، وأعارتها الحكومة الحالية الاذن الصماء ( لأن الشهيد السعيد لم يكن يؤمن بحزب بل كان للمرجعية فقط و فقط ) لتصبح وكراً لمشاريع و مخططات مشتركة ومشبوهة بين رجس البعث الصدامي و الإسلام الصهيو أمريكي المتثمل بالوهابية الخرقاء و ألاعيب حكام و طواغيت دول الجوار الفاسقين الذين فتحوا خزائن قارونهم لمّد الحركات المشبوهة في هذه الناحية المقدسة للنيل من مذهب أهل البيت ع لغرض محوه و هدمه بعد أن كانت ناحية القاسم ع مناراً للعلم ببركة إبن باب الحوائج ع و مساعي الشهيد السعيد و معه الشرفاء من أبناء الناحية المقدسة و ما جاورها و التي قدمت عشرات القرابين من خيرة شبابها في زنزانات النظام المقبور .و الى لقاء أخر إن شاء الله تعالى .
https://telegram.me/buratha