حسن الهاشمي
نهج الإمام الحجة المنتظر عليه السلام الإصلاحي مستلهم من نهضة الإمام الحسين عليه السلام وثورته ضد الظلم والظالمين، ويبقى طلب الإصلاح في أمة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) نهجا مهيعا ينير طريق الأحرار في كل زمان ومكان.إنما أريد طلب الإصلاح في أمة جدي، بهذه الكلمات الراشدة التي استلها الإمام الحسين من سيرة جده وأبيه وأخيه قد سار بقية الأئمة عليهم السلام لتحقيق الإصلاح وتثبيت أركان التوحيد في هذه المعمورة، هدفهم الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن الله تعالى خلقهم هداة ميامين أبرار، وإذا كان من اضطر منهم إلى القتال فإنه وسيلة من وسائل الهداية لله وإصلاح ما فسد من أمور المسلمين ليس إلا، وإن النهج الذي سار عليه الإمام الحسين عليه السلام في حركته الإصلاحية هو نهج جده المصطفى صلى الله عليه وآله في حروبه ضد المشركين.ومن يدرس قضية الإمام الحسين دراسة فاحصة ودقيقة يقف على معرفة الهيكلة والمبادئ والأفكار التي بنى عليها الإمام أسس إصلاحه، ويذعن بأنه لم يسترخص الدماء بل كان يقاتل بحساب دقيق وإنه كان يحترم حتى تلك الأنفس التي زحفت لقتله! وكذلك الإمام الحجة فإنه تولى قضية جده الحسين لأنه أولى بها، ومشروعه امتداد للمشروع الإصلاحي الذي أطلقه جده الحسين عليه السلام وإن اختلفت وسائله.إن هدف الإمام الحجة هو تصفية الأرض من الظالمين والمفسدين حتى تتطهر من جرمهم وطغيانهم، وأن الكثير من الروايات التي وصلتنا عن حادثة كربلاء كانت روايات عن الإمام الحجة المنتظر من خلال زياراته لجده بسرد الأحداث والتفاصيل والأوصاف التي جرت على الحسين وأهل بيته في اليوم العاشر من المحرم، وأن بهذا المسلك الذي سلكه الحجة المنتظر استطاع أن يربط الناس بالحسين عليه السلام، يذكرهم بأن ثورة الحسين الإصلاحية لا تعرف مكان ولا زمان، والمطلوب من الأحرار في العالم إحياؤها بشتى الطرق والوسائل.والإمام الحجة كان وما زال على صلة بالناس حتى يقوي تلك العلاقة وذلك بحثّ المؤمنين للحضور والتفاعل مع المجالس الحسينية والاقتباس منها النهج الصاعق لمكافحة الظلم والفساد ومن أية جهة صدرت، والتحرك نحو الإصلاح ينبأ بوجود الإفساد، ونحن تعلمنا من الإمام الحسين عليه السلام كيف نقول للمفسدين والنفعيين والوصوليين والإنتهازيين والأنانيين في جميع السلطات المركزية والمحلية، القضائية والتشريعية والتنفيذية، العسكرية منها والمدنية، نقول لهم كلا للفساد نعم للإصلاح، نقول لهم مادام فينا عرق ينبض ومادام فينا حب الحسين عليه السلام فإننا بالمرصاد لكل المفسدين، لأن الذي في قلبه حب الحسين يطمح دائما وأبدا للإصلاح ويحارب دائما وأبدا الإفساد والمفسدين.والإصلاح إنما يأتي من العلم والعلماء الصالحين، لأن العلم ما وضع على شيء إلا زانه والجهل ما وضع على شيء إلا شانه، حيث إن المصلحين على مر التاريخ كانوا من العلماء وليس من الجهال، نعم حتى الأمراء إذا ما أرادوا إقامة الدولة العادلة عليهم توقير العلماء والرجوع إلى رواد العلم والإصلاح فإن فيهم صلاحهم وبقاءهم وديمومة حكمهم.حكي إن عالما أعمى كان يوما في مجلس أحد السلاطين، فحضر الطعام، فلما فرغوا قام السلطان وأخذ الإبريق وأشار إلى الذين في حضرته أن لا يخبروا العالم، فصب الماء على يده حتى غسلها، فلما فرغوا أخبروه بأن السلطان كان قد صب الماء على يدك، فقال العالم له: أجل الله تعالى قدرك، فزاد الله تعالى بعلمه ودعائه على قدرة وجلالة ودولة السلطان ما لا يحيط به قلم، ولا يقدر على وصفه واصف.وهكذا فإن أهل البيت عليهم السلام علمونا إذا رأيتم الملوك على أبواب العلماء فقولوا نعم الملوك ونعم العلماء وإذا رأيتم العلماء على أبواب الملوك فقولوا بئس الملوك وبئس العلماء، فالإصلاح توقير العلماء والأخذ بآرائهم السديدة وتوجيهاتهم النيرة وهم الأصلح في انتهاج درب الهداية، وإن الصلاح الحقيقي سيكون في خروج الحجة القائم عليه السلام، فلابد من التمهيد لخروجه المبارك بتوطين أنفس أهل الولاية على الصلاح والإصلاح، فالمؤمنون المصلحون هم السباقون للالتحاق بركبه المبارك دون غيرهم من المفسدين الذين يكونون طعما تلتهمهم عدالة السماء.
https://telegram.me/buratha