المقالات

الاعلام ,, والعنف والسبب

432 08:30:00 2013-08-10

عزيز الكعبي

لابد من مراعاة آداب وأخلاقيات المهنة، والتفهم الجيد أن هذه المادة يتلقاها الآلاف من الناس، بل والملايين الذين تختلف مستوياتهم التعليمة والفكرية، ولابد من الحذر الشديد وتحري الدقة، والموضوعية الشديدة في عرض الحدث، بما يخدم المهمة الإعلامية ويؤدي الرسالة المجتمعية للإعلام بلا تهويل أو تهوين. العنف الذي يدور في العالم وتنقله وسائل الاعلام مباشرة , ساهم في تنمية نوازع الشر والتطرف لدى المشاهدين والسامعين والقارئين والاجيال الجديدة وبخاصة الشابة منها , فضلا عن تجاوب صغار السن والمراهقين عمرا وفكرا وسياسيا , لكنه تجاوب سلبي ينطوي على نوازع الانتقام كرد فعل طبيعي , وبخاصة في غياب : العدالة والقانون وحقوق الانسان وتكافؤ الفرص . من هنا فان النتيجة غالبا ماتكون بممارسة العنف تفكيرا وتنظيما ورسالة وخطابا وتعبيرا وعملا , تعبيرا عن الذات وتحقيقا للذات من هنا ظهرت الكثير من الانظمة والتنظيمات المتطرفة وفصائل ماتسمى المقاومة والتمرد على الواقع , في العالم لاسيما تلك التي برزت للوجود في العالم العربي , منها مايتبنى الخطاب التفجيري ومنها مايتبنى الخطاب التكفيري , ومنها مايتبنى الخطاب التخويني لكل من لايتفق معهم في الراي , والفتاوى بهدر الدماء جاهزة من جميع الاطراف . فتحول الجدال الى القتال والحوار الى النار . ليس هذا فحسب , بل ان الاطراف المتصارعة سواء الممثلة للدول او للتنظيمات او فصائل المقاومة كل يريد شطب الاخر ولا يعترف به , كما ادى ذلك الى رد فعل قوامه العنف الرسمي والفردي والتنظيمي والحكومي والإعلامي في الخطابات والاجراءات والمواعظ والقوانين وردود الفعل , مما صعد التاثير على الفكر والسلوك لدى العديد من فئات الشعب العربي رغم تباين الدين والعرق والبلدان والمصالح , وصار كل تنظيم ونظام يمارس العنف أو ينادي به يجد له صدى ومؤيدين من شتى الاعراق واللغات والاوطان . وبذلك صارت هوية العنف قولا وعملا وسلوكا هوية عالمية وليست مجرد هوية محلية او اقليمية , وصار العالم كله يتاذى منها سواء اصدرت عن دول او تنظيمات . فالعنف هوالعنف والتطرف هو التطرف والقتل هو القتل والارهاب هو الارهاب سواء اصدر عن دولة او تنظيمات .فالواعي الذي يدرك مثل هذا العنف قد يتحول الى انتهاج عنف الخطاب للتعبير او الرفض او الدفاع عن النفس او الفكر , وقد يتحول الجاهل الى اداة لتنفيذ العنف والتطرف والارهاب وغيره , على انه الوسيلة الوحيدة لتحقيق الذات . ولا بد من القول هنا ان هذا العنف المتبادل الذي يقود الى الثار والفعل ورد الفعل قد تجاوز الساحة العالمية , .ولكن الدول يمكن ان تعالج مثل هذا العنف من خلال الحرية والاحتواء والحوار والمشاركة والانتقال السلمي للسلطة والاعتراف بالآخر وعدم الإقصاء , ونبذ الفساد والمسامحة لمن اراد ان يثوب كما ان السعي من اجل السلطة غالبا مايؤدي الى العنف في الخطاب والتصرف معا والفعل ورد الفعل , فمن يسعى الى السلطة قد يلجأ الى الانقلاب او المذابح في محاولة لالغاء الاخر واثبات نفسه , مما يشحن العنيف لاقناع الناس بان الطرف الاخر هو الاسوا وانه فاقد الشرعية ومن الطرف الثاني , وان هو الافضل في المعادلة , وكل يريد القضاء على الاخر في غياب التداول السلمي للسلطة وغياب التعددية السياسية والحزبية والفكرية والحرية والديموقراطية والفرص المتكافئة , وحضور الثأرات والانتقام وحكم القهر والغلبة وقد يغيب خطاب التسامح والتاخي لان كل طرف يريد الغاء الاخر وشطبه بكل وسيلة كما قلنا , رغم ان وجود هذه العناصر انما تحفظ توازن المجتمع , ومن حقهم جميعا ان يعيشوا ولكن الا يعيثوا في الارض فسادا ( من سائر الاطراف ) .إن التعبئة المشحونة بالكراهية والتخوين , وهذه بدورها التي تكفر الانظمة وتخونها , انما تهيئ الأجواء لصراع كالح ودم وعنف لايعرف الرحمة ولا الاخوة الانسانية او الدينية او الوطنية او القومية , ذلك ان عنف التفكير مقدمة لعنف االخطاب وهو بدوره مقدمة لعنف الممارسة أو التعبير عنها، فالتخوين والعمل على الغاء الاخر انما هما كالتكفير , مما يعني استباحة الدم والتبرير للتصفيات الجسدية، خصوصاً عندما تصدر من يجلس على كرسي الافتاء سواء من التنظيمات او السلطات الرسميةوعلى اية حال فقد ادى العنف بكل اشكاله الى بحث الانسان منذ القدم عن الامن والحماية / الامن النفسي والروحي والسياسي والاجتماعي والغذائي والاسري والمعيشي / الاقتصادي , والحماية من عنف الطبيعة والانسان والوحوش والكوارث , وتصدى لكل جانب من هذه بطريقة تهدف الى البقاء وتحققه ماامكن , وتناسب الحالة او الظاهرة , وبالتالي كان صراع الافراد والجماعات معا متكاتفين من اجل البقاء اولا ثم الاستقرار والاستمرار ثانيا ثم البناء ثالثا وبالتالي بناء المجتمع والحضارة , ., هنا اقول,,ان التوقع اكثر شرآ احيانا من الوقوع. ولأن الناس تنظر للدولة انها الاب والراعي وبالتالي ترجو أن تسمع خطاباً منها يعدها بالمعالجة لمعاناتهم وأوضاعهم المزرية وليس سماع خطاب العنف الذي يهرب منه الناس. فالناس تصبح بين قطبي رحى من تبادل عنف الخطاب وعنف السلوك وعنف التكفير وعنف التفجير وعنف الوعيد وعنف التهديد , ويدفعون الثمن غاليا بالفعل , ويحتكم الناس في النهاية الى استخدام القوة لحل المعضلات مما يدخلهم في دوامة مع السلطة والطرف المعادي , لذا تظهر تيارات اخرى عادة قد تكون اشد عنفا او تدعو الى الحوار , ولكن العداء بين الاطراف يكون قد وصل الى كسر العظم بحيث تغيب العقلانية عن الجميعفالشعوب المطحونة بالفقر والقهر والذل الى حد المجاعة , او بالأوبئة الى حد الكارثة والفساد من المسؤلين الى حد افلاس البلاد , واعتبار تكديس السلاح ثقافة وضرورة , فانها لا تحتاج إلى خطاب يصب الزيت على نار متوقدة أصلاً , وانما هو مجتمع من القش اليابس المشرب بالبنزين اذا مااشتعل لايقتصر حرقه على طرف واحدوبالتالي فان عنف الخطاب والكلام يؤدي الى الصراع , وبالتالي انتاج عنف فكري وعنف سلوكي وعنف انتقامي وعنف تكفيري وعنف تفجيري والكل يقول عن ضحاياه انهم شهداء , وان الاخرين قتلى ليس الاعزيز الكعبي .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك