عباس المرياني
قبل اكثر من سبعين سنة وقف رئيس وزراء بريطانيا الشهير ونستون تشرشل محذرا العالم كله من المساس باي بريطاني وعلى اي بقعة في المعمورة عندما اعلن ان بريطانيا العظمى سوف لن تقف مكتوفة الايدي حيال اي انتهاك يتعرض له اي مواطن يحمل الجنسية البريطانية وفي اي بقعة من بقاع الارض وان اساطيل الامبراطورية ستكون جاهزة لنصرته والدفاع عنه،وبمثل هذا الخطاب الحماسي دخل ونستون تشرشل الى قلوب ابناء شعبه مع مواقف اخرى كان يحرص على ان يكون شعب بريطانيا على اطلاع بها وبمثل هذه المواقف الجادة تمكنت الشعوب ان تصنع لنفسها هيبة وعزة ومجدا وجلالة وكان من الصعب النيل من هذا الشعب لان ارواح ابناءها غالية وان كل من يعتدي يدفع ثمن هذا الاعتداء غاليا وهذه الدماء لم تكن غالية لعلة فيها ولكن حمية وغيرة قادة البلدان وشعور ابناء هذه الشعب بالمسؤولية صنعت جدارا صلدا من المستحيل النفاد منه لتحطيم هذه العزة والانفة.ولو كان تشرشل وقادة بريطانيا منبطحين وغير مهنيين وعديمي الشعور بالمسؤولية ولو كان همهم المناصب والسرقات والنيل من الاخرين لكان مصير شعب بريطانيا كما هو حالنا اليوم بعد ان غاب الحامي وتكالبت الذئاب علينا وكاننا فريسة دسمة في زمن قحط يرغب الجميع في نهشها والنيل منها وهذا التكالب الداخلي والخارجي على العراقيين سببه القصور والجهل وانعدام الشعور بالمسؤولية وتغليب المصالح الشخصية والحزبية فغاب الانتماء الى الشعب والى الوطن فكان ثمن هذا الغياب استباحة دمائنا وتغريبنا عن وطننا ونحن نعيش في داخله وكان ثمن ذلك استئساد الضباع والكلاب السائبة والخنازير القذرة التي تجمعت من كل اصقاع العالم بعد ان وجدت البيئة ملائمة وبعد ان وجد السماسرة ان شعب العراق شعب منسي وفائض عن الحاجة ولا يوجد من يقف مدافعا عنه.ولو كان عندنا رجل واحد مثل تشرشل او دون ذلك ممن تصدوا لمهمة قيادة البلد في رئاسة الحكومة وعلى مدار السنوات العشر الماضية مدافعا ومحافظا على ارواحنا ودمائنا واموالنا لما حصل الذي حصل ولتوقفت بهائم الارض عن العبث بارواح العراقيين واموالهم خوفا من العاقبة والمصير المحتوم .قبل فترة كتبت مقالا تناولت فيه الاثار التي ترتبت على ليبيا بشبهة تفجير طائرة البوينغ 747 التابعة لشركة بان امريكان فوق منطقة لوكربي الاسكتلندية والتي راح ضحيتها (270)راكبا وكيف ان امريكان فرضت عقوبات على ليبيا معمر القذافي وكيف حصلت على تعويضات بملايين الدولارات لمجرد الشبهة والضن اما نحن فنقتل ونذبح على الهواء الطلق وبفتاوى لا يتردد اصحابها من الحديث عنها علنا في الفضائيات وعلى المنابر الاعلامية في وقت تغط حكومتنا ومؤسساتها التشريعية والقضائية في سبات عميق وكان الامر لا يعنيها.ان الدفاع عن دماء وحقوق العراقيين واجب شرعي وان رد المعتدي كائنا من يكون من الواجبات المؤكدة كما ان تجريم الجهات المنفذة والمحرضة امر مطلوب لفضح هؤلاء الخنازير وتعريتهم امام المجتمع الدولي وامام الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان وكذلك لضمان حقوق الضحايا المظلومين طالما ان الحكومة غير مهتمه بحقوقهم وحقوق عوائلهم.اعتقد ان حكوماتنا الموقرة والجهات المعنية قد تاخرت كثيرا سيادة النائب "عبد الحسين عبطان" وكان عليها ان تتخذ مثل هذه المواقف منذ اللحظة التي استشهد فيها شهيد المحراب وممثل الامين العام للامم المتحدة وكانت هذه الحوادث كبيرة وفضيعة وكان بامكان العراق ان يستغلها لصالح موقفه ضد الاخرين لان هذه التفجيرات والاعتداءات كانت ستمنحه فرصة التعاطف والتاييد الدولي الا ان صمت الحكومة وعدم اهتمامها جعل الكل يتجرا على الشعب العراقي... ومؤكد ان الشعب الذي ليس له قيمة لا يحترمه الجميع..اعتقد ان بامكاننا كشعب ان نصنع لانفسنا قيمة حقيقية دون انتظار الحكومة المشغولة بمصالحها وامتيازاتها ..لان انتظارها لن يحقق لنا الا الهزيمة والذل والهوان لانه متى تنهض حكومة بشعبها وقد بنت مجدها على دمائه وانكساره وضحاياه.كان الامر سيكون افضل بكثير لو ان الحكومة طالبت بدماء العراقيين منذ البداية اما الان فاعتقد ان الامر يحتاج الى ما يشبه المعجزة لتثبيت هذا الامر.
https://telegram.me/buratha