عبد الكاظم حسن الجابري
يستمر المسلسل الدموي لإزهاق أرواح العراقيين الأبرياء , وتستمر ماكينة الموت الأحمر بخطف أرواحهم , تلك الأرواح التي تعبت من أدوار الزمن فتحاول أن تقتنص لحظات الفرح .جاء العيد هذه المرة وكنا نحلم بأيام ننفض فيها غبار التعب لنستقطع ثلاثة أيام نعيش فيها سعادة القرب من الأهل والأحبة , سعادة اجزم إن العراق افتقدها منذ زمن علي ابن أبي طالب عليه السلام , أنقضى اليوم الأول ومدننا تتزين بألوان الزينة , وفرحة الأطفال وهم يستلمون العيدية كانت طافية على محيياهم , كانت لوحة جميلة من فرح وسرور وبهجة ومن ألوان زاهية لملابسهم التي اجزم أن الغالبية من أهليهم تعبوا ليشتروا لهم تلك الملابس.أتى اليوم الثاني وليته لم يأتي , أتى وجاء معه الموت الأحمر , مفخخات لا تعرف الإنسانية ولا تعرف الرحمة توزعت على طول خارطة الوطن ولعلني لا أجافي الصواب إن قلت على طول خارطة تواجد الشيعة في العراق , نعم مفخخات الإرهاب الأعمى توزعت في أماكن الفرح التي كانت ترتادها العوائل حالمةً بلحظات استرخاء بعد تعب الصيام , نُصِبَتْ مفخخة قرب مدينة العاب وأخرى قرب متنزه وأخرى قرب مركز تسوق , أماكن نستقرأ منها إن الإرهاب لا يفكر في ضربات للدولة أو مؤسستها بقدر ما هي حرب مفتوحة ومعلنة لإبادة الشعب العراقي .إن خسة ونذالة الإرهاب في اغتيال البراءة والطفولة واغتيال فرحة البسطاء تمثلت في أبشع صورها في ثاني أيام العيد , فما ذنب طفل لم يتجاوز الخمس سنوات تزهق روحة التي هي اطهر من آلاف الأرواح من ذوي اللحى الطويلة والأدبار الموسعة ,يسمون أنفسهم جهاديين على ماذا جهادهم ؟ ومن المستهدف ؟ نعم أخي العراقي ـ الشيعي ـ أنا وأنت المستهدفون , آمالنا , أحلامنا , فرحتنا , وكل شئ نتطلع إليه مستهدفون لأننا نريد الحياة الحرة والكريمة ونريد العيش بسلام .الإرهاب يضرب أنى يشاء ومتى ما يشاء وكيف ما يشاء في ظل عجز امني واضح وحكومة لا تملك زمام المبادرة لصد الهجمات الإرهابية والحفاظ على أرواح المواطنين , ولا نرى خطط جديدة وتغيير في التكتيك الأمني مع المتغيرات الجديدة, كذلك شلل أصاب المنظومة الاستخباراتية , والأَمَر والأدهى هو خروج المسئولين الأمنيين على شاشات الفضائيات لينكروا ويكذبوا العمليات الإرهابية أو يقللوا من حجم الدمار وعدد الضحايا , ويطالبوا الإعلام بان لا يهول الموقف , وكأنهم يتناسون هموم الناس ولا يبالون بآلامهم وحجم الخسائر التي لحقت بهم .أخيرا يا عيد عذرا فرحتنا لم تكتمل بك وألوان العيد المتنوعة كلها صُبِغَتْ باللون الأسود , فأطفالنا ذُبِحُوا على قارعات الطرق ونسائنا ثكلى بأزواجهن وأبنائهن ,عذرا يا عيد فما عاد لك طعم في العراق .
عبد الكاظم حسن الجابري
https://telegram.me/buratha