فلاح المشعل
ينتج الشعور بالضعف و تراكم الفقر وفائض الإضطهاد أحساسا بالتهديد والخوف ثم الإستسلام للسلطة ، هذا نمط من سلوك عبودية مقيمة في الشرق العربي ، تركته خلفها شعوب العالم منذ قرون مضت .مركب الإضطهاد يدفع الشعب ، واقصد هنا شعب العراق ، الى إنتظار إرادات من خارج تكوينه لتحريكة بأتجاه بناء موقف رافض او تغيير يشمل حياته ، واعني بذلك السلطة السياسية (الحكومة) التي تملك مفاتيح العمل.لعل فكرة إنتظار المخلص التي توارثتها الأجيال عبر أكثر من الف عام أحد المؤثرات التي تشتغل باللاوعي في إهمال ثقافة الرفض والتغيير، او وضعها في صف الإهتمامات الثانوية او الفردية غير المعبرة عن مزاج ورؤيا الروح الجمعية للشعب .تداخل مركبات الضعف أنتج ظاهرة الهروب من والمسؤولية ، وإزاحة الستارةعن عدم إحترام الذات، وانعدام الإحساس بالقوة وصناعة المستقبل .قبل مائة عام اقتضت الشروط الموضوعية وجود نمط من شكل مبسط لدولة عراقية خارجة من الإحتلال العثماني نحو خانات المستعمر البريطاني ، وإذ دعت الضرورة لإيجاد حاكم ليس من الحضيرة الأنكليزية فقد عرض العراقيون آنذاك رغبتهم بوجود حاكم عربي هاشمي ...!إختيار حاكم من خارج النطاق الوطني يعكس سلوك الخوف والإرتياب من المبادرة والشعور بالدونية . لاسيما وان بلداً مثل العراق يزخر بالقبائل العربية ، ووفرة العائلات من السلالة الهاشمية ..!؟بعد نحو 40 عاما ، جاء انقلاب تموز 1958 بشريحة ضباط الجيش ليؤسسوا تأريخا جديدا من حكومات العسكر، المدفوعة بروح المراهقة وحب التسلط وقد توجت بنظام فاشستي دكتاتوري حكم البلاد بالخوف والسجون والموت والحروب ، أنفق خلالها الشعب العراقي أكثر من مليون ضحية ومليوني مهاجر، وآلاف المقابر الجماعية دون ان يترشح عن هذه الويلات ثقافة رفض او تغيير شعبي ، ولولا تهالك الجيش العراقي في هزيمة كارثية إثر حرب الكويت 1991 ، لما أنطلقت قذيفة دبابة الجندي الثائر في ساحة سعد بالبصرة لتسقط جدارية الدكتاتور صدام ، إيذانا بالإنتحار الذي أنتهى الى إنتفاضة فوضوية .كان الرفض يتسع و يغورعميقا في روح الشعب ، جراء إنغلاقه بطبقات سميكة من الرعب ، وهكذا كان الشعب ينتظر التغيير حتى جاء الإحتلال الأمريكي فصفق له الشعب ولم يسأله لماذا ؟ وكيف ؟ ووو الخ .ومنذ عشر سنوات قدم العراق من الخسائر مايفوق كل خسائره في الحروب والمقابرعبر مائة عام ، لكنه أرتضى بهذه (السلطة ) البضاعة الرديئة للمحتل الأمريكي ، ولم يقوعلى انتاج فعل التغيير، رغم محاولات الدفع الميكانيكي للمحتل بصناعة منظمات مجتمع مدني او ماتسمى بالحريات أو حقوق الإنسان .ضعف قدرة الشعب على ولادة ثقافة الرفض والتغيير، لاترتبط بالأسباب الواردة أعلاه وحسب ، وإنما بطبيعة السلطة وسلوكياتها التي حافظت على ثوابتها القمعية ، وهو مانأتي عليه في موضوعنا المقبل .
https://telegram.me/buratha