المقالات

وحوش صغيرة تبتلع عراقا كبيرا /

567 17:58:00 2013-08-12

حافظ آل بشارة

بلغ التعاون بين الارهاب والفساد في العراق مرحلة متطورة جدا ، حتى ان تجربة العراق في هذا المجال اصبحت نموذجا لمن يريد ان يدرس الظاهرة ، الاجانب يدرسونها بحرص ، نحن لا ندرسها ليس لدينا وقت ! لدينا ما هو اهم من العراق دائما ، العراق يقدم نموذجا جديدا في ظاهرة المافيات الثنائية (المال- السياسة) تتجاوز ما حققته المافيات الاوربية في زمن الحروب ، في هذا البلد بدأ الفساد بصيغته البريئة المعبرة عن لحظة عابرة من الاثم المبرر تتمثل بأخذ مبلغ (هدية) مقابل تمشية معاملة بسرعة ، انه جيل الرواد من الفاسدين الشرفاء المؤسسين لاضخم امبراطورية انحطاط في بلاد حمرابي وكلكامش والوركاء ، وكانت نيتهم الشرعية هي تقديم ما ينبغي لتحصيل حق مشروع ، متذكرين صفقة قصي بن كلاب الذي يقال انه اشترى الكعبة بزق خمر ليؤسس التجمع القرشي حولها ، تحولت (هدية المعقب) الى اجور شبه علنية لتمشية المعاملات ، فيما انتقل مخترع الهدية الى مستويات مذهلة من الارتشاء ، مثل تمشية صفقات فيها الملايين ثم المليارات واخذ النسبة المقررة ، ثم شراء وزارة ! لانها وزارة تدر اموالا ، او شراء مديرية او قسم من وزارة ، وتطور الأمر الى شراء مجرمين محكومين بالاعدام وسعر المحكوم الصادر بحقه حكم واحد اقل ممن صدر به حكمان او ثلاثة وهكذا ، وهناك عمليات اخرى اكثر تركيبا وذكاء ، تطلب الحكومة معلومات عن أحد كبار الموظفين ان كان مشمولا بالمسائلة أم لا فهناك من يفبرك الجواب ايجابيا ويتسلم من المستهدف نصيبه ، تضليل الحكومة من داخلها ! لعبة الشراء المتسارعة شاركت بها دول اموال النفط تنهمر عليها كالمطر لا يعرفون ما يفعلون بها ، دولة من دول النفط تخطط لشراء اقليم كامل من العراق تقوم بتمويله واعماره واستخراج نفطه وغازه وترفيه اهله حتى يتحول الى نموذج خليجي ! ثم تفصله بعد الشراء ، مشروع مضحك يروق لقوم لم يحصلوا من الحكومة الا مزيدا من الرمال تذروه عليهم رياح الصحراء وهي تعوي بكرة وعشيا ، دولة أخرى تشتري وزيرا كما يشتري النادي لاعبا ، فالوزير في بغداد لكنه لا يعمل للعراق بل للدولة التي اشترته ، وهو محمي بطوق غير مرئي من الرجال والاجهزة ! كذلك اشتروا نوابا ومدراء وساسة ، محققون يقولون مازالت عقود الكهرباء والتجارة والاعمار والاسكان بأيدي رجال اعمال سابقين هاربين في عمان ، هؤلاء يعملون مع عصابات دولية وبأيديهم مفاتيح النقض والابرام! الفوائض الهائلة من الفساد والصفقات السرية وغسيل الاموال تذهب الى المجموعات المسلحة للاعاشة والتسليح والتدريب ، الشبكة الهائلة من الفساد والارهاب مرتبطة بسلطة سرية تمد اذرعها ، واشباحها يتحركون في كل مكان ، اذا لم يعثر العراقيون على حل جذري لمشكلة بلدهم المسروق بصمت ، فسيكون مسروقا في العلن ، انه كجثة ثور مذبوح يسحبه الذئب الى كهفه المظلم بصعوبة ، فريسة اكبر مما ينبغي ، فريسة اكبر من حلم المفترس ... مع الأسف .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك