قلت لصاحبي ذو الباع الطويل في الخبرة الأمنية الإستراتيجية :لقد جئت يوم الجمعة من أربيل بالطريق البري ولمست الفرق بكل شيء منذ خرجنا من أربيل بالسيارة حتى غادرنا كركوك متجهين لبغداد ووجدت أن الطرق مبلطة بشكل ممتاز والسيارة كانت تتهادى بشكل سلس دون مطبّات وما إن دخلنا الى حدود ديالى حتى بوابة بغداد وما بعدها حتى كانت السيارة تتطاوح وترتعد من المطبات والحفر وجوانب الطريق خربة مغبرّة ,وبعد أن تجاوزنا سيطرتا الحسينية وسيطرة بغداد بشق الأنفس وبزحام مقرف (دونما تفتيش طبعاً)وإنما تأخير لأجل التأخير لا غير .
دخلنا بغداد متوجهين من حي الشعب المنكوب الى منزلي في أطراف الكرخ وحينها دار بخلدي منظر غريب, إن كل الطرق التي سلكتها الى منزلي هي من صنع المقبور صدام وكذلك البنايات والشوارع والطريق السريع ,وإذا تجاوزنا بعض العراقيل والأتربة والتحويلات والمطبات القسرية فان كل ما تبقى هو من انشاءآت نظام صدام المقبور ,بينما كان كل ما شاهدته في أربيل بالكامل من صنع حكومة أربيل والتي بنت كل شيء باجمل صورة على ركام خراب صدام!! ضحك صاحبي حتى غصّ بضحكته التي لا تخطيء عيني مغزاها فهي ضحكة الم مكتوم (فهو ذاته من الخبراء الألمعيين المغضوب عليهم ومن الذين قاتلوا صدام منذ نعومة اضفاره لثلاثة عقود ,ولكنه لم يستطع مزاحمة أبطال القادسية وأم المعارك الذين شفطوا المناصب الأمنية في عهد اجتثاث البعث وركنوه جانباً يلعق جراح الإبعاد والاضطهاد للكفاءآت النادرة).
قال لي صاحبي ساهماً كمن يحدث نفسه:لو أن صداماً لم يعدم واخرج معصوب العينين وسط شوارع بغداد وأزالوا عنه العصابة وسألوه أين أنت؟!... لقال فوراً أنها بغداد التي تركتها منذ عشر سنين وان الفرق فيها فقط أنها ازدادت غباراً ودماراً وحفراً ووجوماً وعشوائيات .
ثم أردف صاحبي :لو أنهم عصبوه ثانية ونقلوه الى أربيل أو السليمانية وفتحوا عينيه هناك وسألوه أين أنت الآن؟!... لأقسم منبهراً انه في بلد أوروبي ,ولو اخبروه انه في أربيل لشهق ومات دون محاكمة أو إعدام!!!! مسكين يا عراق.
17/5/13813
https://telegram.me/buratha