محمد مكي آل عيسى
ربما يكون من أهم ما يفكر به رب الأسرة المحافظة الملتزمة والأم المربية هو كيف سيستطيعون المحافظة على أولادهم في خضم الثورة الإعلامية التي اجتاحت العالم ككل وليس العراق فحسب. فيبدأ الأب بوضع القيود على استعمال الهاتف النقال وحذف القنوات الفضائية الخليعة وتراقب الأم تحركات بناتها، أما الإنترنت فيمثل جانبا كبيرا من الخوف لأنه دخل لكل غرفة في البيت وهكذا.ومعظم المربين إنما يخشون على أولادهم من الانحلال الأخلاقي الذي يذهب بالتربية أدراج الرياح وأول ما يذهب البال إلى المواقع الفاضحة التي تنتهك حرمة العلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة وتبيحها بشكل مبتذل.لكننا لو دققنا فيما يمليه علينا الانفتاح الإعلامي وسهولة الاتصالات لوجدنا ما هو أخطر من ذلك !!.حيث عصفت بشبابنا مواقع فكرية ليست إباحية وليست منافية للأخلاق بل لربما مواقع علمية يحبها الآباء والأمهات ويطمئنون لها والحق هي مواقع تبث مع العلم والتكنولوجيا نفثات تدعو إلى العلمانية والتحلل من الدين وجحود الخالق مما يضرب صميم عقيدة شبابنا غير المحصن والذي لا يعرف عقيدته الحقة.فيتعرض لشبهات تعصف بأساسه العقائدي والفكري ولربما تكون تلك الشبهات متوافقة مع شهوات النفس وأهوائها فتعلق في ذهن الشاب وتتراكم في نفسه حتى تدفع إيمانه جانبا وينهار البناء الديني في فكره ليتحول إلى جاحد للدين وأهله متجاوزا على المقدسات منكرا للأسس القيمية والاخلاقية التي يفرضها النظام السماوي.والأمر هنا مختلف جدا، فإذا كانت الإباحية والانحلال الأخلاقي تتعلق بارتكاب المعاصي فإن إنكار الدين يتعلق بالعقيدة التي تبيح هذه المعاصي والمنكرات.وللتوضيح أكثر فإن الشاب الذي يتابع القنوات والمواقع المحرمة ويتردد على محلات المنكر فإنه يفعل ذلك وفي أعماق قناعته قد نجد أن هناك نسبة من الحرام والحلال وأنه يرتكب المعاصي ويؤمل نفسه بالتوبة عندما يكبر أو يتزوج.لكن في الحالة الثانية وعندما يتهاوى عند الشاب وازع الدين فإنه سيتوجه لأماكن اللهو ومواقع الخلاعة مع ضمير مرتاح ناكر للحرام والحلال مرتاح لما يفعل ولا يفكر بالتوبة أبدا لعدم وجود داع لها على الإطلاق وهذا التوجه إنما يتنكر بالقناع الجذاب المغري قناع العلم والتكنولوجيا الذي يشد الشباب كون التوجه العلمي توجه راقي يدعو للعلم ولخدمة الإنسانية يدعو للنهضة بالأمم المتخلفة يدعو لدفع المرض ومحاربة الجهل ويستبطن إنكار الحقيقة الكبرى الملك الحق المبين.هذا من جانب ومن جانب آخر قادنا الانفتاح للاطلاع على دعاوى الضلال والبدع ودعاوى المهدوية الباطلة ودعاوى التكفير وغيرها. وكل ذلك أضحى في متناول شبابنا وفكرهم الغض.مما يدعونا أن نفكر ونعمل بشكل جاد للتصدي الفكري ونشر الوعي السليم المنبثق من عقيدة واعية لتحصين شبابنا من الانزلاق في هذه المهالك وأن نوجه الآباء وأولياء الأمور بأن المتابعة لا تعني خصوص المواقع الإباحية وقنوات الرذيلة والمقاهي اللاأخلاقية وإنما المتابعة يجب أن تكون على أوسع نطاق ليعرف الأهل كيف يوجهون أبناءهم في حال تعرضهم لمثل هذه التيارات.فإن الخطر لا يستهان به وأن العواقب السيئة لهذه الانحرافات إنما ستعود بويلاتها على الأهل أنفسهم قبل غيرهم لتعم الجميع وتتجاوز لتلفح بوجهها حتى المؤمن المتقي والعالم العامل فسبحانه وتعالى يقول: واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب / الأنفال 25
https://telegram.me/buratha