بدءا لابد من القول أن مستوى صبر العراقيين على تحمل كل هذه الأهوال التي تمر بهم، فاق كل المستويات التي وصلها بشر غيرنا، ولم يسجل التاريخ أن شعبنا يذبح في كل ثانية، ولكنه مصر على أن تمضي الحياة بمن تبقوا الى أمام، وفي هذا الصدد، وفي محاولة للبحث عن أسباب إستمرار مطحنة الموت تعمل بكل هذا الزخم والقوة، طيلة السنوات العشر المنصرمة، يحق لنا القول متسائلين: ومتى كانت تلك المطحنة متوقفة قبل سقوط صدام ونظامه حتى نتحدث عن هذه السنوات العشر فقط..! وسيقودنا هذا التساؤل المفتوح الى عدد كبير من الأسئلة التي تتزاحم فيما بعد، منحية الإجابات، لأن الأسئلة تتحول الى كم هائل من المعطيات التي نعرف جميعا الإجابات المفترضة عنها..
هل كان يمكن أن نتصور أننا سنبني بلدا ديمقراطيا بلا دماء وتضحيات؟ والإجابة طبعا ستكون نفيا، لأن لا أحد سيتخلى عن سلطانه طوعا. وسيقاوم ويقاتل للإبقاء على وضعه الاستثنائي في الزمن الاستثنائي، وهذا بالضبط ما يحصل اليوم..
إن الإرهاب ليس أشباحا غير معروفة، ولا جماعات منعزلة في الصحراء تغير على تخوم المدن، بل هم بيئة متكاملة هرمية التكوين وكل له دور..
بعضهم دخل أجهزة الدولة للحصول على مواقع تخدم معركته..بعضهم شارك بالعملية السياسية ليوفر الغطاء لمقاتليه، بعضهم الآخر أنجز بنية إعلامية تروج لقيمه ومبادئه وتسوغ جرائمه، بعضهم الآخر تقمص دوما ثوب الضحية مؤلبا الرأي العام المحلي والإقليمي ضد الوضع الجديد، وبما يخدم قضيته الأساسية المتمثلة برغبة جامحة للبقاء أسيادا الى الأبد..بعضهم تغلغل في المنظومة الأمنية، مستخدما إياها وسيلة لضربنا في عقر دارنا وفي خاصرتنا، بعضهم كان في المنظومة القضائية والعدلية معرقلا كل إجراءات تقاضي الضحايا ضد المجرمين..بعضه أنشأ علاقات مع المحتل الأمريكي وصلت الى حد التحالف الإستراتيجي..
هذه هي عناصر معركتنا التي تجري فصولها الدموية على شوارع بغداد بدرجة أساس، وشوارع بقية المدن لتشتيت جهدنا..
إذا وعينا طبيعة هذه المعركة بكل دقائقها سننتصر بسهولة، لكن إذا بقي واحد، وواحد فقط يغرد خارج سربنا ويهون من دمائنا ولا يحترمها يتعين أن لا نتهاون معه، وأن نضعه في خانة الأعداء مع أنه "يرتدي" جلدا مثل جلدنا..
وصلت الرسالة يا تحالف وطني أم لم تصل..!؟
استعير لكم فقرة من خطاب السيد حسن نصر الله أول أمس علكم تتعضون: “نحن من نحسم المعركة ونوقت نهاية كل معركة، وكما انتصرنا في كل حروبنا مع إسرائيل إذا أردتم دخول المعركة معكم بكل قوة فأقول للكل أننا سننتصر في المعركة ضد الارهاب التكفيري، ستكون المعركة مكلفة نعم، لكن اقل كلفة من أن نُذبح كالنعاج وان ننتظر القتلة ليأتوا الى عقر دارنا”.
https://telegram.me/buratha