المقالات

أرواح وأشباح !

708 12:22:00 2013-08-18

علي جاسم / كاتب واعلامي عراقي

يبدو ان وزارة الداخلية صاحبة الجهد الكبير والعمل العظيم، وبسبب الارتفاع البياني لنسب الاعمال الارهابية والتفجيرات التي ضربت المدن العراقية منذ ستة اشهر ولغاية اليوم، قد أختلط عليها الامر نوعا ما، اختلاط الخيط الابيض بالأسود، فتشابهت عليها وظيفتها رغم أنها لا فارض ولا بكر، فحاولت ان تصدر بيانا تدين فيه وتستنكر التفجيرات، وتتعهد ببذل وافر المجهودات أكبر لصد تلك الهجمات، مع اعتذار يوضح حسن النوايا لذوي الضحايا عن اخفاقها وفشلها المتواصل في حماية ارواح المواطنين، ولكنها وبدلا عن ذلك اصدرت بيانا أدبيا بعبارات منمقة وكلمات بليغة وصفت فيها شوارع العراق بأنها (ساحة حرب) قد (أستأسد) فيها الارهابيون الـ(أشباح)، ضمن (سياق حرب السجال الجارية) بينها وبين القاعدة!.بالتأكيد، أن الحرب الدامية اليومية بين القاعدة ومجاميعها التكفيرية والتحريضية والايادي الشيطانية والاموال الخليجية، مع الاجهزة الامنية بكافة منتسبيها من مفوضين وملازمين ومواطنين ابرياء من شيوخ ونساء، هي حرب ضروس وفتاكة بل هي الاشد فتكا في أرجاء المعمورة خلال العصر الحديث، وهي حرب تفوق ــ دون أدنى شك ــ قدرات وامكانيات وزارة متواضعة وحديثة العهد بمثل هذا النوع من الحروب لاسيما وأنه قد أتعب دولا ذات امكانيات عسكرية كبيرة واجهزة مخابرات متطورة، إلا ان أن تقوم وزارتنا بإصدار بيان تم نسجه نسجا ادبيا جميلا، وحيك حياكة ماهرة، لتعزي العراقيين بضحايا جدد، فهو أمر غريب لا يمكن ان نفهم سبب التأنق الادبي في مناسبة حزينة إلا إن كانت الوزارة تنوي زج نفسها في مسابقة للشعر أو مهرجانا للخطابة الادبية، لدرجة أنها تعبر عن امتعاضها عن برود العلاقة بين القاتل والمقتول لان القتل يحدث بـ (دماء باردة وبلا مشاعر) مثلما تعلن ذلك، أو على الأقل لو اردنا انصافها وعدم التقليل من شأنها فأنها ــ وبحسن بادرة منها ــ أضافت همّا على همومها وواجبا فوق واجباتها المتشحة بالرصاص ومطاردة المجرمين واعتقال المخربين، وهي تحاول مساعدة طلبتنا الاعزاء وشبابنا المثقفين لتراجع لهم دروسهم والمعلومات التي تلقوها في مدارسهم، عندما حاولت ان تذّكر العقول الشبابية بمعلومة أدبية قيمة ومهمة جدا تتعلق بديوان شعري عنوانه (ارواح واشباح) للشاعر المصري، الغني جدا عن التعريف، (علي محمود طه المهندس) كونه أحد أهم وأبرز أعلام الرومانسية العربية، بعد أن وصفت الارهابيين بالأشباح الذين يسفكون الدماء ويزهقون الارواح!.الداخلية في بيانها (أو نصها الادبي)، وبعد ان صالت وجالت في ميادين الادب والبلاغة العربية، وشمرت عن ساعديها المفتولين، وشهرت سيوف العلم والمعرفة الرائعين، وهي تسوق الاوصاف والنعوت بحق الانتحاريين ومنفذي التفجيرات الارهابيين، لم تتناسى ان تمر مرور الكرام على التأكيد على مسألة مهمة جدا وهي الاعتماد على جهد المواطن في التعاون معها للإبلاغ عن أي حالة مشتبه فيها، وهو أمر لا بأس في سبيل تحقيق الاهداف العامة، ولكن ينبغي أن لا يتم الاعتماد الكلي على المواطن البريء كونه ليس ملما بالثقافة الاستخباراتية وطرق حصد المعلومات وتجميعها وربطها مع بعضها البعض للخروج بحصيلة نهائية تسهم في رصد الاهداف المتوقعة والمشبوهة، لكن يبدو أنه قدرنا ــ كما تؤكد الداخلية ــ ان نستمر باليقظة والانتباه والحذر حتى (نظفر) بالمعركة، مثلما هو قدرنا ان نحرص على حفظ هذه البيانات الادبية كونها كتبت بماء ذهب الداخلية وقلم (باركر) المخابرات الوطنية !.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك