الشائع لدى المتلقي أن الصحافة عمل يقوم بمهام جليلة تخدم المعرفة..ويندرج تحت عنوانها العريض طيف واسع من مهام الخبر وصناعته، جمعا وتحليلا وتحققا من مصداقيته ووفقا لمعايير المهنة وإشتراطاتها، يتم تحويله الى رسالة يتلقاها المتلقي، ويفترض بمرسل الرسالة أي الصحفي أو المؤسسة الصحفية، أن تتحقق من مدى وصول الرسالة وتقبل المتلقي لها، وردة فعله عبر وسائل التواصل والإستقصاء المعروفة..
في صناعة الخبر، غالبا ما تكون الأخبار متعلقة بأحداث مهمة يتوقع الصحفي أنها تهم المتلقي ويتفاعل معها، أو أنه تواق لمعرف أخبار بعينها، كمستجدات الأحداث على السوح السياسية والمحلية والثقافية والرياضية والاجتماعية وغيرها..
هذا هو الأصل وما هو طبيعي..لكن ساحتنا الإعلامية يسودها ما هو غير طبيعي، فبدلا من أن تمارس مهام "صناعة" الخبر وفقا لإشتراطاته المنطقية، تحول الخبر الى ميدان تمارس فيه ومن خلاله،"صنعة" السب والقذف في الحياة الشخصية للأفراد والمنظمات والجماعات، في هذه "الصنعة" يتحدى "الصناع" الأخلاق والأصول والقيم والقوانين أيضا، مستغلين غياب قانون ينظم ما ينشر في وسائل الإعلام، سيما المواقع الإلكترونية التي غدت مغذيات كبرى للتظليل والكذب والتدليس، وغالبا ما تكون مهمتها الأساسية هي تسويق وتلميع أشخاص معينين، من اجل تسهيل الأمر أمامهم لاستلام مواقع حساسة وفي المقابل شيطنة وحرق آخرين، أو تضخيم أحداث صغيرة وفردية وتعميمها والإدعاء بأنها ظاهرة موجودة . ...
في تلك المواقع يتنمر الأرانب بل ويتحولون الى غيلان ووحوش كواسر، وفيها حجم مهول من الكذب والإختلاق والإفتئات، واختلاق الأخبار وتصديقها وتصديرها للناس على إنها حقائق، و ثم تتمم الصحف حلقة ما تبثه هذه المواقع التي ميعت الساحة الإعلامية، بكم آخر من الأخبار المدلسة هي الأخرى، والتى ليس لها أساس من الصحة، لتنشرها دون حياء أو خجل على المتلقين، مما يزيد من ضبابية المشهد ولتزيدهم حيرة..
وتبدو مهمة ملاحقة الخبر ومصداقيته مهمة صعبة ومعقدة في آن، ولذلك وإزاء كم الأكاذيب الهائل الذي تغص به ساحتنا الإعلامية، فإني أقدم مقترحا عمليا أضعه برسم خدمة كل جهة سياسية تجد أنها بحاجة الى التعريف عن نفسها ونشاطاتها ومواقفها من خلال "ناطق رسمي" لها.
المقترح هو أن تعين شخصا آخر بموازاة ناطقها الرسمي، تكون مهمته نفي الأخبار المختلقة والمكذوبة عنها، ويمكن أن يطلق على القائم بهذه المهمة أسم النافي الرسمي..!
كلام قبل السلام : النيات الصادقة لا تنفع في عالم الوحوش.
سلام.....
https://telegram.me/buratha