عبد الكاظم حسن الجابري
الكل يعرف إن محافظة البصرة هي بمثابة الشريان الابهر للعراق من حيث الموقع ومن حيث الإمكانيات الاقتصادية , فالبصرة تمثل المتنفس المائي الوحيد للعراق واطلالتها هذه على الخليج تعطيها الصدارة في أن تكون موانئها مركز استقطاب تجاري كبير كونها تمتلك إمكانيات اقتصادية وثروات تجعل رؤوس الأموال الأجنبية تسيل اللعاب لغرض الاستثمار في البصرة .البصرة المدينة العائمة على الثروة النفطية العملاقة وتعد من أكثر مدن العالم في ما تحتويه في باطنها من ثروات , هذه المدينة التي يجب ـ بما تمتلكه من ثروات ـ أن تكون في مصاف المدن العالمية من الناحية المعمارية والخدمية .ولكن الواقع يقول عكس ذلك , فماذا جَنَتْ البصرة من ثرواتها وخيراتها , فالواقع الخدمي متعثر والبطالة منتشرة بين شبابها والعوائل الفقيرة انتشرت على طول خارطتها , فلماذا تُحْرَم البصرة من ثرواتها رغم أنها تزود العراق بميزانيته وبما يعادل 90% من الميزانية السنوية ؟ ولماذا لا نرى الاهتمام بها ؟ والأدهى لماذا تحارب أي فكرة ويُحَارَبْ أي مشروع يأخذ على عاتقه تطوير البصرة والارتقاء بها نحو الأفضل والأحسن؟لقد استبشر العراقيون عموما وأهل البصرة خصوصا خيراً بوضع مسودة مشروع قانون " البصرة عاصمة العراق الاقتصادية " والذي تَبَنَتْهُ كتلة المواطن وبذلت الجهود الكبيرة والكثيرة لأجل إقراره . هذا القانون يمثل باكورة العمل الاقتصادي النوعي في رسم شكل وخارطة العراق الاقتصادية , فنحن نرى في اغلب دول العالم وخصوصا المتحضرة منها إن في كل دولة هناك أكثر من عاصمة تخصصية وهذه التسمية تنسجم مع طبيعة تلك المدن فمن البديهيات وجود العاصمة السياسية أو الإدارية تسندها بجانب آخر وجود عواصم لنفس البلد تأخذ تسميتها كما قلنا من تخصصها فتوجد عواصم سياحية وعواصم ثقافية وعواصم تراثية وعواصم أثرية إضافة إلى العواصم الاقتصادية .إن وجود عنوان عاصمة اقتصادية في العراق والذي تمثله البصرة ويكون هذا العنوان منظم بقانون "قانون البصرة عاصمة العراق الاقتصادية " امر يدفع باتجاه تحسين المستوى المعاشي لأهل البلد عموما ولأهل البصرة خصوصاً , ويَتَأَتى ذلك من خلال استقطاب الشركات والمستثمرين الأجانب وما ستمنحه هذه الشركات من فرص لتشغيل العمالة المحلية إضافة إلى تطوير القابليات الفنية والتقنية للأيادي العاملة ونقل خبرات الشركات المتقدمة .مع هذا الاستبشار والتطلع المجتمعي لهذا القانون نجد بان هناك جدران كثيرة ـ كجدران المنطقة الخضراء ـ ومعرقلات عدة وِضِعَتْ أمام إقرار هذا القانون ولعمري إن اغلب هذه المعرقلات هي معرقلات وهمية أهدافها سياسية وانتخابية , فإقرار القانون بِحَسَبْ رأي طرف سياسي معين يُحْسَب كمكتسب لكتلة المواطن والحال عكس ذلك فسعي كتلة المواطن لإقرار القانون هدفه خدمة الوطن والمواطن ولم تطالب الكتلة به لأغراض انتخابية , لذا نرى إن الحكومة العراقية مصرة ومتعمدة لعرقلة إقرار هذا القانون , فهناك كلام يدور خلف الكواليس الحكومية لإلغاء هذا القانون , وان هذا الأمر لمن المؤسف أن يكون , فوضع العراقيل أمام المشاريع الخدمية التي تخدم المواطن لحسابات انتخابية ومناكفات سياسية تعتبر طامة كبرى .إن سعي الحكومة لإبطال وإيقاف إقرار هذا القانون يجب أن يقابله ردود فعل من قبل المسئولين المحلين في البصرة هذا أولا وثانيا من قبل الأهالي في تلك المحافظة , ردود فعل يجب أن تكون قوية ومسئولة وغير مترددة , ويجب أن تتخذ هذه الردود كافة الآليات الديمقراطية والمتحضرة في المطالبة بالحقوق كالتظاهرات والاعتصامات والإضراب العام .
عبد الكاظم حسن الجابري
https://telegram.me/buratha