المقالات

شبابنا هدف التنمية ومحورها

641 16:18:00 2013-08-21

بقلم: د.اياد الساعدي

يعلم الجميع أنّ العلاقة ما بين المجتمع وشبابه هي علاقة طردية. فالمجتمعات بمسيرة شبابها إن كانت وفقاً للمعايير الأخلاقية سادت المجتمع تلك المعايير، وإن كانت غير أخلاقية (تفسخية) كان المجتمع متفسخاً أيضاً. ولذا فإن مسيرة الشباب الافراطية والتفريطية تنعكس مباشرةً على المجتمع، فإذا كانت تصرفات الشباب متزنة وفي حد الاعتدال (خير الامور أوسطها) كان الشعب والمجتمع بخير. ولكن من أين لنا الخير وشبابنا اليوم افراطيٌّ وتفريطيٌّ ولم تحصل له الوسطية لحد الآن. أمّا اسباب ذلك فواضحة جداً، فالآثار التي خلفها حزب البعث وما جرى من تغيير بعد الاحتلال الامريكي لايمكن لها أن تنتهي بين ليلة وضحاها، لأنّ آثار الفعل تعادل قوة الفعل فكلما كانت قوة الفعل مؤثرة بقت آثارها على حسب مدى ذلك التأثير.كيف لا تبقى الآثار وقد زدناها قوة بما حصل من تجاوزات أصحاب الدرجات الخاصة التي تقود العراق اليوم. فأعضاء البرلمان والمجالس المحلية يختلفون عما هو موجود في جميع أنحاء العالم، لأنّ الوصول لهذه المناصب في عراقنا الجريح أصبح اليوم لأجل الأثراء واشباع الشهوات والرغبات، ليعيش النائب وجميع أفراد عائلته في رفاهية كاملة مدى الحياة. فبعد انتهاء كل دورة برلمانية يترك الكثير منهم عراقنا ينزف بالجراح ليعيشوا هم خارجه مترفين بما يحصلون عليه من حقوق تقاعدية. وأمّا أصحاب الدرجات الخاصة ((مدير عام فما فوق)) فهؤلاء لا يكتفون بالرواتب الشهرية المبالغ بها، بل هم يحصدون مزارعهم (دوائرهم) كيف ما تملي لهم رغباتهم وشهواتهم حتى أنهم أصبحوا عالة على مؤسساتهم. فاليوم لا يرى العقلاء من ابناء الشعب العراقي أنّ هناك نزيهاً من أصحاب الدرجات الخاصة إلا ما ندر. فمثل هؤلاء كيف لهم انقاذ شباب العراق! وأنى لهم ذلك وهمهم الأول صار واضحاً من خلال اشباع شهواتهم ورغباتهم اضافة لجمع الأموال وحصادها بشتى الطرق على حساب قوت الشعب العراقي!ولكن هل يجوّز لنا الدين الذي آمنا به أن نبقى مكتوفي الأيدي؟ كيف ذلك وخاصة نحن في العراق الذي لطالما عاهدنا فيه الامام الحسين ((ع)) على أن نكون اوفياءاً للعهد الذي عاهدناه عليه وأن نكون صرخة في وجه الظلم تتجدد في كل عام من شهر محرم وصفر. وعلى هذا الأساس ومن باب ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه لا بد من الاحساس بالمسؤولية للتخلص من تلك الآثار الخبيثة ويجب أن يكون الفعل قوياً جداً ومتواصلاً من قبل المتصدين للمسؤولية مخصوصاً موظفي الدرجات الخاصة. وعليهم أن يعملوا كل ما بوسعهم ولو كلفهم ذلك فقدان الحياة، لأنّ الكثير منهم يدعي حب الشهيد الصدر الأول ((رض)) الذي قد أوصى العراقيين جميعاً في الداخل والخارج أن يعملوا كلّ ما بوسعهم على انقاذ الشعب العراقي وازالة الكابوس الذي كان جاثماً على صدر العراق الحبيب. أمّا ما جعل الشهيد الصدر الأول مخلداً في ضمائر الجميع لأنّه عمل كل ما بوسعه لأجل العراق والعراقيين، فكان مؤمناً بالله، وكان ايمانه قوياً الى درجة لايخشى فيها إلا الله. وكان عاشقاً له خائفاً منه مخلصاً في عمله تجاهه تعالى. فالعشق واضح يمكن رؤيته من خلال محاضرته الشهيرة ((حب الدنيا رأس كل خطيئة)). وفي تلك المحاضرة يقول اثنان في قلب المؤمن لايجتمعان، فأمّا حب الله وأمّا حب الدنيا ولأنّه يرفض حب الدنيا فلم يبقي في قلبه سوى حب الله ((قلب المؤمن حرم الله فلا تسكن حرم الله غير الله)). وأمّا خوفه من الله تعالى فلأنّ العاشق دائماً يخشى عدم رضى معشوقه، ولذا تراه يفعل كلّ شيءٍ ليرضيه، وهذا مايتضح في العشق المادي فما بالك في العشق المعنوي الروحي الذي يتجلى في عشق الملائكة لله تعالى، حيث لايضاهي هذا العشق سوى عشق الأنبياء والأولياء. أمّا سعادة العشق الالهي ((لي أوقات مع ربي يطعمني ويشربني، لي أوقات مع ربي لا يسعني فيها ملك مقرب ولا نبي مرسل)) فلا يمكن أن تدرك إلا من خلال التطور العلمي في البعدين المادي والمعنوي. وأمّا الاخلاص الذي هو سر من أسرار الله كما جاء في الحديث القدسي: ((الاخلاص سرٌّ من أسراري أودعته في قلب من أحببت))، وفي نهج البلاغة حيث ارتهن كمال التوحيد بالاخلاص ((كمال الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكمال التصديق به توحيده وكمال توحيده الاخلاص له)) فكان عند الشهيد ((رض)) في أوج درجاته حتى أنه ضحى متأسياً بالحسين ((ع)) بكل ما يملك. واليوم في العراق لما نمر به من محن شتى وعلى جميع الأصعدة لا بد لنا من التأسي بمن ندعي حبه ((ولقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن أراد الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)) فلماذا لا نتأسى برحمة العالمين رسول الله ((ص))؟ ولماذا لا نتأسى بالشهيد الذي أوصانا بانقاذ العراق ((وقال الذي آمن يا قوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد))؟ ولماذا لا نتخذ من توصياته أسوة حسنة؟ ولكي نتمكن من انقاذ شبابنا ليكون لنا تأثير فاعل في الصراع القائم بين القوى الشيطانية والقوى الرحمانية علينا ابتدائاً معالجة الجهل البسيط واستأصال الجهل المركب (الجهل بالجهل) عن طريق تكاتف مؤسسات الدولة ومليء الفراغ والتأكيد على التربية والتعليم ((والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)). فالتعليم المنهجي ضروري جداً ولا بد من التشويق إليه، إلا إنّ هذا الشيء الضروري اللازم غير كافي ويجب علينا تكميله، لأن الطائر (الشاب) لا بد له من جناحين إن أراد أن يحلق في الفضاء الواسع نحو الكمال. وجناحي الطائر لدى الشاب هما العقل والبدن. فالتربية وحدها لا تفي بالغرض، لأن الشاب بحاجة ماسة للتطور الرياضي والفني والعلمي والثقافية. وهذه المجالات موجودة في وزارة الشباب والرياضة وهي من أهم أركانها، فمنتديات الشباب المنتشرة في جميع أنحاء العراق قد وجدت لهذا الغرض، ولذا يجب التنسيق بين وزارة التربية والشباب لأجل العمل الدؤوب في المدارس والمنتديات لمليء الفراغ وعدم توفير الفرصة للشياطين كما قال الامام علي ((ع)): ((إنما قلب الحدث كالأرض الصالحة ما ألقي فيها من شيء إلا قبلته فبادرتك بالأدب قبل أن يلعب لبك ويقسو قلبك)). ولترسيخ أسس الاصلاح وتحققه نوصي بالمقترحات التالية:1- أن تكون الدرجات الخاصة في مؤسسات الدولة لمن لديه اللياقة العلمية المناسبة وكلاً حسب اختصاصه.2- أن لايثرى هؤلاء على حساب المصلحة العامة للشعب العراقي.3- أن يرجع أصحاب الدرجات الخاصة إلى وظائفهم الأصلية بعد انتهاء كل دورة انتخابية، ويجدد لمن هو فاعل في عمله ومناسباً.4- أن تكون حقوقهم التقاعدية حسب عناوينهم الوظيفية لما لديه من شهادة علمية بغض النظر عن المنصب الذي هو فيه.5- تفعيل قانون التقاعد لغير موظفي الدولة وحسب الاستقطاعات الشهرية.6- مساعدة الفقراء والمحتاجين والقضاء على ظاهرة التسول بالقوة. 7- تشويق الشباب وتشجيعهم على الزواج من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي وتوفير فرص العمل لهم.8- أن يكون وجود الأحزاب لأجل العراق. 9- أن تكون مصلحة وأهمية العراق لدى كل عراقي فوق مصلحة وأهمية الحزب.10- أن تعمل المناهج التربوية والأنشطة الشبابية والرياضية على نبذ الطائفية وقبول كل طرف للطرف الآخر بما يتناسب مع التعددية في عراقنا الحبيب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك