عدنان السباهي
كان البلد محكوم بالحديد والنار، فأي سارق لأموال الدولة يحاكم وقد يعدم إذا كانت جريمته اقتصادية، باستثناء أعوان النظام وأتباعه لهم حق السرقة وبدون ملاحقه، وهناك من سرق المدن الإيرانية إثناء الحرب ، وأيضا البعض مد يده على أسواق ومحلات الذهب الكويتية ، إثناء اجتياح الكويت ، ولا حضنا بعضهم تم عقابه بالدنيا قبل الآخرة أما باحتراق مساكنهم أو ذهاب هذه الأموال بصفقات خاسرة وهبوط العملة والهزات الاقتصادية، وفي تسعينات القرن الماضي عندما ضعف النظام كثرت السرقات وخاصة من قبل بعض موظفي الدولة بحجة عدم كفاية الرواتب لتلبية حاجات العوائل فأصبحت السرقة عمل مشروع ومستساغ في المجتمع.بعد عام 2003 وبعد سقوط النظام القمعي، انتشرت الفوضى في كل مكان ولا وجود لأي حماية لوزارات الدولة ، فسرقت المصارف والآليات والأثاث وحتى الوثائق والأسلحة التي يستخدمها الإرهابيون اليوم، فبقى أصحاب الضمير الحي ومن تمنعهم أخلاقهم ودينهم من مد اليد على المال العام وهم يرون السارقين وأصحاب الشعارات الكاذبة والمتلونين الذين كانوا يعملون سابقا خدم ومتملقين للسلطة في ذلك الزمان وعناصر فاعلة في العصابات والمليشيات القاتلة ، فلكل واحد من هؤلاء جاه ونفوذ وأموال ومناصب ومشاريع ومقاولات لان المال يجلب المال، وغالبا ما يكون الفاسد بحماية شخص متنفذ في السلطة أو حزب قوي ، ولعل ضعف النظام القضائي وعدم محاسبة السارقين زاد في ظاهرة الفساد.إن التقرير الأمريكي حول الفساد في العراق ذكر بان 70% من شكاوي الفساد من جميع وزارات الدولة وبالخصوص الدفاع والداخلية، وان مكافحة الفساد بواسطة مؤسسات وهيئات كالنزاهة والمفتش العام، التي تعاني الضعف وإنها غير مستقلة وتخضع للتهديد والابتزاز والتعطيل، والدليل إن من بين(169)شكوى أحيلت ثماني منها فقط للمحكمة ولم يتم إدانة سوى شخص واحد، فيشهد الجميع إن هناك فساد في الوزارات لكن لم يتم تقديم أي شخص للعدالة، والمعوقات أمنية وسياسية وإدارية ، وحسب وصف منظمة الشفافية العالمية في تقريرها السنوي في الفساد في العالم والذي يضع العراق في مراكز متقدمة بالفساد الإداري والمالي ، وما الحرائق المتكررة للوزارات ومؤسسات الدولة، والتي دائما ترمى على التماس الكهربائي!!إلا دليل إضافي على الفساد في دوائر الدولة.لازال البعض منا يصنف من طبقة الفقراء، لأننا لم نشارك في (الحوا سم) سابقا ولا في سرقة دوائر الدولة لاحقا ، ولا من أصحاب الرواتب العالية حاليا، بالرغم من راحة الضمير ، لكننا نشعر ضنك العيش وضغط الحياة لان المال يسير كل شيء في هذه الدنيا، فنرى من سرق المال العام يعيش في بحبوحة ، ويمتلك أفضل العقارات وآخر موديلات السيارات، ويرسل أبنائه لأفضل المدارس ويحصل على ما يريد في أي وزارة ودائرة، والبعض منهم حصل على السلطة فزاد ماله وكثر نفوذه، فينبغي وضع الأمور في نصابها وان لا تعطي مالا يستحق من عالم المكافأة وترك عالم الكفاءة ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب, فاختلطت علينا صفة الفساد بعد هذه المميزات هل هي فضيلة أم رذيلة.
https://telegram.me/buratha