هل كان انتصار الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني في عام 1979 كان قد تزامن مع خروج دولة مصر من الصراع مع الصهاينة على خلفية زيارة السادات للكيان الصهيوني، كما جاء هذا الانتصار بعد مرور الامة بجملة من الحروب الخاسرة والاتفاقيات المشبوهة وجملة مشاريع نهضوية لم يكتب لها النجاح لأسباب تستبطنها تلك المشاريع، فكانت إلاحباطات والانتكاسات متوالية وقد شكلت ظاهرة في تاريخ الامة المعاصر،الى اليوم باقية نتائجها وانعكاساتها في العمل الثقافي للأمة، لذلك كانت الثورة الاسلامية في ايران مستوعبة فكرياً للمرحلة واستراتيجياً لمستقبل الامة، فكانت المباني التي يجب أن يقوم عليها العمل في صفوف الجماهير هي الصيغ العملية للمبادئ الإسلام السياسي باعتباره أساس صحيح ومتين لمنطلقات العمل الثوري التصحيحي لتقوم المسيرة النضالية للأمة..
وبناءا على هذه الحقائق كانت القراءة الواقعية لبرنامج الثورة العملي هو أعادة ثقة الجماهير المؤمنة بمبادئها العقائدية وبحتمية الانتصار على القوى المعادية من الصهيونية والاستكبار العالمي، وبهذه المنهجية تم التصدي لقيادة العمل الميداني، ولذلك اعتبر المراقبون انتصار الثورة بداية ايقاف حالة التردي المتسارع في مسيرة الامة خلال القرون الماضية، وكذلك حصلت قناعة نخب الامة على مختلف معتقداتهم بأن هذا النهج هو الملائم لتحول الامة من حالة الانكسار والانحطاط الى حالة مواصلة الجهاد باتجاه هدافها المشروعة في الاستقلال والتحرر والتطور وان تبني حضرتها وتوصل الوجود الفاعل في بناء الحضارة الانسانية، ومن الطبيعي أن تحقق تلك التوجهات الانجازات والانتصارات بدل من الفشل والتراجع وتكون تلك بداية كتابة تاريخ الامة الحديث، ما كان هذا يكون لولا منطلقات الإمام الخميني تلميذ مدرسة آل بيت النبي (ص) الجهادية فهو لم يكن كاتب مُنظر أو يقول ما لا يفعل كما هو شأن غيره من القادة بل هو مجسد للحركة الدينامكية لهذه المدرسة وقد مثل ضمير الامة الاسلامية، وخزينها الفكري فجسد ما كان يؤمن به عملاً ،وكان صادق مع ربه في تحويل صدقه افعال في كل الاتجاهات وساحات الفعل في حياة الامة دون الاعتراف بتأييد أو اعتراض دول الاستكبار العالمي، كانت مادته هي مصلحة الامة التي حددها النهج القويم لا مشورة هذه الدولة أو تلك، وبذلك استطاعت الجمهورية الاسلامية في ايران أن تكون رقما كبيرا وصعبا في معادلة السياسة العالمية، ولها حضورها الفاعل في مسيرة الامة النضالية، يضاف اليه ميادين العمل المشترك مع المنظومة الدولية ..
حددت القيادة الايرانية بزعامة الراحل العظيم الامام الخميني قدس سره الموقف من القضية الفلسطينية وآليات العمل بكل مسمياته وساحاته وما هو شكل وحجم الدعم الذي يجب تقديمه للفصائل الفلسطينية على امتداد تواجدها في داخل فلسطين وكل الساحة العالمية بما يتناسب مع كل المتغيرات والموقف التاريخي والأيدلوجي للصراع وحتى مراحل التحولات والمتغيرات في عالمنا الاسلامي وكان ذلك وفق قرأه وفهم للقضية الفلسطينية مستمد من جذورها وكونها قضية أمة، ولذلك بقيت صحيحة رغم تقادم الزمن واستمر تنفيذ فصول هذا الموقف منذ طرد سفير دويلة اسرائيل في طهران وتحويل المبنى الى سفارة دولة فلسطين أن سبب هذه الدقة هو ذلك اليقين والفهم الدقيق الذي تمتع فيه قادة الثورة للإسلام السياسي وصدق التوجه..
https://telegram.me/buratha