بقلم : عبد المنعم الحيدري.
لايخفى على المختصين في العلاقات الدولية ان استعار الحرب الباردة من جديد بين واشنطن وموسكو والتي امست دمشق قطب الرحى فيها ، لايخفى عليهم ان مبدأ الصراع لايستثني التعاون ، وكما ان الحرب على سوريا احتمال وارد فكذلك التعاون هو احتمال وارد لحلها.ان الازمة السورية اليوم هي اشبه او ربما تزيد على تلك الازمة التي حدثت بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي السابق (روسيا اليوم) عندما نصبت موسكو صواريخ بالستية في جزيرة كوبا عام 1969م ، والتي اطلق عليها سياسة "حافة الهاوية ". والتي انتهت عبر الدبلوماسية ، وهذا يعني ان الحرب الباردة اليوم بين واشنطن وموسكو هي في ذروتها.ان الصراع في المنطقة هو من اجل النفوذ وحماية المصالح لكلا العملاقين وبالتالي تحقيق الغايات والمقاصد لكلاهما ومتى ما ترتبت الاوراق واستوت المصالح سنجد ان الصراع قد تحول الى تعاون من اجل الوصول الى تفاهمات وحلول لجميع المشكلات بينهما.ان سوريا كما قلنا سابقا تعد موقعا استراتيجيا مهما بالنسبة للعالم عامة ولروسيا بوجه خاص لكونها حتى الساعة هي الحليف الوحيد والثابت في منطقتنا العربية لروسيا وترتبط معها في مصالح حيوية مشتركة وبالتالي شاهدنا كيف ان اللاعب الروسي اعلن موقفه الرافض لسقوط سوريا ، وهذا مادفع بالرئيس الروسي ان يقول " ان سقوط دمشق يمرعبر موسكو ". مما يدل على ان روسيا مستعدة للذهاب الى الحرب من اجل مصالحها في سوريا.كما انه ليس جزافا ان يطلق الرئيس السوري بشار الاسد قوله " ان سقوط سوريا هو بمثابة الزلزال الذي سيضرب المنطقة " . وبالفعل فقد شاهد الجميع تداعيات ذلك الزلزال على جميع الاقليم المتاخم قبل سقوط دمشق.ان واشنطن تحتاج الى ذريعة للتدخل من جديد بعد ان بهتت كل تلك الذرائع والحجج ومن هنا جاء استخدام السلاح الكيماوي الذي اعقبه مباشرة تلويح واشنطن بالخيار العسكري النوعي ضد دمشق مما اثار السؤال التالي وهو هل ستذهب واشنطن الى قرار الحرب بعد التهديد ام انها فقط لاجل الضغط على محور موسكو الداعم لدمشق والرافض لسقوط سوريا؟والجواب على هذا السوأل يأتي من خلال خيارين الاول هو خيار الحرب والاسباب التي تعيق واشنطن من الذهاب اليها.والخيار الثاني هو خيار الدبلوماسية ومعطياته على الارض وكلا الخيارين يحقق المصالح.خيار الحرب لن تذهب اليه واشنطن لثلاثة اسباب.اولا: ان التهديد يحتاج الى قرار والقرار يحتاج الى معلومات من اجل اتخاذه وحتى هذه الساعة لم تجزم واشنطن بمعلوماتها حول استخدام الحكومة السورية للاسلحة الكيماوية ، بل هناك ما يشير الى عكس ذلك. وبالتالي نرى تصريحات واشنطن مرة هنا ومرة هناك ضمن المناورة السياسية وهذا ما يؤكد انها تفتقر لى المعلومات ضد نظام الاسد. بينما نجد موسكو قد اتهمت المسلحين باستخدام السلاح الكيماوي بناءا على معلوماتها المؤكدة والتي اعلنت عنها.ثانيا: ان محور موسكو المتمثل في طهران ودمشق وبغداد وحزب الله والفصائل الفلسطينية المقاومة قد اخذت التهديد على محمل الجد واتخذ خيار المواجهة وليس خيار الانصياع للتهديد وهذا يدل على ان واشنطن اصبحت امام خيارين اما الدبلوماسية واما الحرب في منطقة غالبيتها منطقة نفوذ امريكي مما سيعرض مصالحها للخطر كما ان اكلاف الحرب ستكون عالية .ثالثا :الخوف من فقدان زمام المبادرة لانه بامكان واشنطن ان تعلن الحرب الحرب لكن نهايتها غير مضمونة لانها ستواجه عدوا شرسا له القدرة القتالية على الارض.كل هذه المسوغات وغيرها ستجعل من واشنطن التفكيرالف مرة قبل الذهاب الى الحرب.اما على المستوى الدبلوماسي فأن هناك عدة معطيات تشير الى ان الدبلوماسية هو الخيار التي ستذهب اليه واشنطن على الرغم من التهويل والقرع على طبول الحرب.ان زيارة سلطان عمان الى طهران وهاتف جون كيري مع المعلم وزيارة جيفري فيلتمان وموافقة دمشق على دخول وفد الامم المتحدة كل هذه المعطيات المتزامنة تشير الى ان الدبلوماسية هي الخيار المعتمد من قبل واشنطن وانها سوف لن تذهب الى الحرب بل ستعتمد الحل السياسي والدبلوماسي للازمة السورية.
https://telegram.me/buratha