المقالات

المحكمة الاتحادية تمهد للمالكي لكارثة ثالثة

560 09:36:00 2013-08-28

خالد الخفاجي رئيس الرابطة الوطنية للمحللين السياسيين

لم يكن قرار المحكمة الاتحادية في نقضها لقانون تحديد الفترات الرئاسية الذي صوت عليه مجلس النواب غريبا ولا مفاجئا لكل حصيف خبر هذه المحكمة وانقيادها المطلق لرغبات رئيس الوزراء نوري المالكي, وخبر سلوكيات رئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود وقابليته على قولبة المواد الدستورية لتتواءم تماما مع النطق الذي أدلى به المالكي حتى قبل ان يقدم طعنه, من ان المحكمة الإتحادية لن تمرر قانون تحديد ولاية الرئاسات الثلاث بدورتين، وان مجلس النواب لا يحق له إصدار التشريعات إلا بعد تقديمها من قبل الحكومة.ففي دولة ذات نظام برلماني من المفترض أن تكون سلطتها التشريعية هي السلطة الأولى في الدولة, ومن أولى مهامها الدستورية هي تشريع القوانين, جردت المحكمة الاتحادية مجلس النواب من صلاحياته التشريعية بفعل قدرة المحمود في التلاعب بالمواد القانونية وتفسيراته الكيفية للنصوص الدستورية, ولم يعد لمجلس النواب غير اقتراح القوانين على الحكومة في مفارقة عجيبة تكمن في ان مجلس النواب هو اضعف من محاسبة الحكومة فيما لو تنصلت عن مهامها في انجاز القوانين المقترحة, وتغلب عليه صفات الانتهازية واللامبالاة والتسيب, وبهذا تحول مجلس النواب الى رهينة مزاجيات رئيس الوزراء وأهواءه, يقر ويعطل ويجمد ما يشاء من القوانين, وليس من المعقول انه يقر قانونا لا ينسجم مع اهواءه حتى وان اقترح من مجلس النواب.قرار المحكمة الاتحادية يثبت مجددا ان استقلالية السلطة القضائية ما هي الا اكذوبة فجة لا تحمل من معناها اللغوي الا في استقلاليتها المالية والتخصيصات الهائلة التي تحظى بها هذه السلطة بعيدا عن الاجهزة الرقابية وحجم الامتيازات التي يتمتع بها رئيسها, وما هي في واقع الأمر الا دائرة صغيرة تتبع مكتب رئيس الوزراء خاضعة لاوامره, وان جل قراراتها سياسية بعيدة كل البعد عن النصوص الدستورية او البناء الديمقراطي للمؤسسات الدستورية, وتسعى الى تنمية ديكتاتورية جديدة مقنعة بمؤسسات ديمقراطية صورية, فليس غريبا ان يصدر قرارها بنقض قانون تحديد عدد الولايات الرئاسية في نفس اليوم الذي الغت فيه المادة 23 من قانون انتخابات مجالس المحافظات لسنة 2008 والخاصة بكركوك والمتضمن الغاء طلب تدقيق سجلات سكان المحافظة بعد احراق سجلات النفوس والطابو من قبل الاكراد ليكون ثمنا باهضا يدفعه سكان كركوك من العرب والتركمان لتحالفات المالكي لولايته الثالثة. المالكي سعى لضمان تاييد القوى الدولية والاقليمية المؤثرة على الساحة السياسية العراقية ومنحه الضوء الاخضر لولاية ثالثة, من خلال المزيد من التنازلات بعضها ظهر سريعا الى العلن وبعضها الاخر ظل طي الكتمان, ورسمت هذه القوى خارطة تحالفاته الجديدة, فقد رمم تحالفه مع الاكراد بتنازلات لا يستطيع الوفاء بها من دون المساس بالنصوص الدستورية, وليمنحنا دليلا مضافا لكل مشكك بتسييس السلطة القضائية وتبعيتها حينما اسقط العشرات من التهم عن مشعان الجبوري مقابل التحالف معه, ومفاوضات اخرى اجريت مع المدان طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية ووزير المالية المستقيل رافع العيساوي المتهم ايضا بقضايا ارهاب لاسقاط التهم عنهما للغرض نفسه, وهنا تبرز توجسات مريبة لاستماتة المالكي للتشبث بالسلطة, فالرجل لم يقدم شيئا ليستحق ولاية ثالثة, فكل مؤشرات الفشل ارتفعت في ولايتيه مقابل انخفاض مؤشرات التطور والتنمية, وجوده في سدة الحكم يعني المزيد من الدمار والخراب تلحق بالدولة والشعب, ويبدو ان هذه الاسباب هي التي تحث دول الجوار والولايات المتحدة لابقاءه على راس السلطة, فهو افضل وسيلة فعالة لابقاء العراق مدمر محطم وبعيدا عن اخذ دوره الاقليمي والدولي الذي يستحقه.احلام المالكي وطموحاته تحولت الى عوارض مرضية لداء الغطرسة (الهبرس) وهو اضطراب ونقص المناعة النفسي المكتسب, الذي يصيب من يتولون السلطة بانزلاق تدريجي من حالة الكاريزما، والثقة في النفس، والطموح، إلى حالة من انعدام المناعة الذاتية ضد تضخم الذات، والتغطرس، واحتقار الآخرين, ويبدأ الشخص بالاستئثار بالرأي، والامتناع عن سماع النصح، والتصرف دونما روية أو اكتراث واتخاذ قرارات أحادية متسلطة متسرعة، وعدم الاكتراث في عواقبها, لهذا فان الانصياع لرغبات المالكي في ولاية ثالثة والتسليم بها كأمر واقع, فقرار المحكمة الاتحادية لا يعني مطلقا إن الولاية الثالثة باتت قاب قوسين او أدنى من المالكي, فلا ولاية ثالثة اذا ما نبذه الناخب وعكفت بقية الكتل عن التحالف معه, وارتقى مجلس النواب بمسؤولياته التي تخلى عنها وانشغل بتوافه الأمور, والا فنحن مقبلون على كارثة أخرى مدمرة تتكالب فيها قوى الارهاب مع قوى الفساد في تحالف ابدي نما وترعرع في كنف المالكي لن يدفع ثمنها سوى الوطن والمواطن.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك