حسن الهاشمي
قال تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا - الفرقان - الآية - 74.عندما تكون الزوجة والذرية قرية عين للإنسان فهو حقا يعيش دوحة الحياة المفعمة بالخير والطمأنية والسلام، نعم فهو يقطف ثمار تربيته الصالحة وتوجيهاته السديدة وأسلوبه الرائق في التعامل الأمثل مع الزوجة والأبناء مراعيا حق كل منهما ومبينا حقوقهم عليه دون تعد أو غمط لحقوق أحد، عادة هذه الثمار تكون طرية ندية هنية مرية تجلب على الإنسان موجبات السعادة والذكر الطيب بين أبناء المجتمع، على العكس فيما إذا كانت الزوجة أو الأولاد شوكة عين فإنها إضافة إلى قذاها وآلامها ومتاعبها وويلاتها فإنها تكون وبالا على الأب لا يقطف منها سوى الشوك والحنظل وتكون وبالا عليه في الدنيا والآخرة. التربية الصحيحة تبدأ بنبتة الطفل الصغيرة التي سرعانما ما تنمو وتترعرع في ظلال الأبوين الدافئة، فتصير شجرة نافعة؛ مثمرة أو وارفة الظلال، أو قد تصير ضارة غير نافعة؛ شجرة شائكة أو سامَّة والعياذ بالله.وكل يتمنى أن يكون ولده شاباً قوياً نافعاً، يحمل رسالة ويبني حضارة، فتعالوا نتعرف كيف يكون بناء هذا الإنسان؟!. إنه حتى نربي جيلاً من الأشجار المثمرة؛ علينا أن نعتني بهم منذ البداية، مع حسن التوكل على الله تعالى والاستعانة به في صلاحهم، فمن واجبك تجاه ولدك أن ترعاه وتحسن إليه، وتكرمه وتعطف عليه.ولا شك أنّ كل أب يتمنى لابنه النجاح في دراسته، فهو دائماً يدعو الله بتوفيقه وتسديده وتثبيته، يَعِده ويُمنّيه إن نجح في دراسته، ويتوعّده ويهدده إن رسب في دراسته، ولكن أي نجاح تريده لابنك؟!، وأي استمرار وبناء تبغيه من ولدك؟!!، المسألة أيها الأب الحنون ليست مسألة نجاح أو رسوب في الدراسة فحسب، بقدر ما هي مسألة نجاح أو رسوب في الحياة.ما أحوجنا في هذا الزمن العصيب أن نربي أبنائنا، وننشئ جيلاً قوي الإيمان يثبت على الحق ويتحلى بدماثة الأخلاق ويحفظ حقوق الجميع مثلما يحفظ حقوق الأقليات، ويحمل لواء الحق، ويدافع عنه بكل طاقته.من الواضح أنّ العلاقة بين الآباء والأبناء هي من أسمى العلاقات الإنسانيّة لأنّها ترتبط بنظرة كلٍّ من الأب والإبن إلى الآخر، فالأب يرى أنّ ولده هو قطعة منه كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام لولده الإمام الحسن (عليه السلام): (وجدتك بعضي بل وجدتك كلّي ، حتّى كأنَّ شيئاً لو أصابك أصابني ، وحتّى كأنَّ الموت لو أتاك أتاني ، فعناني من أمرك ما يعنيني عن أمر نفسي) والولد يرى أنّ أباه هو سبب وجوده في هذه الدنيا، ومن هنا فإنّ العلاقة التي تربطهما هي علاقة فطرية وتكوينية موجودة في أعماق نفس كلّ واحد منهما ولا مجال لأن تنقطع، بعكس أيّة علاقةٍ أخرى تربط بين شخصين حيث تكون قابلة للانقطاع لسببٍ أو لآخر كعلاقة الزوج بزوجته، أو الصديق بصديقه أو الشريك بشريكه، ولهذا فرض الإسلام على الأب أن يتحمّل مسؤولية تربية ولده بما يتوافق مع الأهداف الإلهية للحياة البشرية، من دون إهمالٍ أو تفريط وإلا ستكون الذرية وبالا عليه ولات حين مندم.يبقى الابن قرة عين حقيقية للأب إذا رباه على مكارم الأخلاق وأبعده عن سفاسف الشيطان، نعم طالما ينتشي الأب فخرا واعتزازا وجذلا حينما يرى ابنه أنموذجا في السير والسلوك الحسن، أما إذا ما ابتلاه فقدر عليه خلقه ودينه فلا يلومن إلا نفسه، هذه هي سنة الحياة إن تزرع وردا تحصده وإن تزرع شوكا تقع في شراكه، فقرة العين يعني أن ترى في الابن البار الصلاح والإصلاح، بينما قذى العين إن تندم على تلك اللحظة التي انعقدت نطفة الابن العاق، وجميل ما سطره يراع الشاعر المبدع الأصمعي عندما قال:لعمرك ما الرزية فقد مال*** ولا فرس يموت ولا بعيرولكن الرزية فقد حر*** يموت بموته خلق كثير
https://telegram.me/buratha