حافظ آل بشارة
اعجبني مصطلح (الانسداد السياسي) رحم الله والديه الذي اخترعه والقى به على السنة المتحدثين ، اكتشف بنفسك ان ما يمر به بلدك هو سلسلة انسدادات ، القوات الامنية تحصل على معلومات مفصلة حول تجمعات الارهابيين فتهاجمهم فتقتل وتعتقل ، فترتفع الاصوات من داخل الحكومة ومجلس النواب بوقف تلك العمليات لانها (انتقام طائفي) وهذه افضل حماية تقدم للارهابيين ، فتتوقف الهجمات او تتحول الى هجمات شكلية وهذه انسداد واضح . مجلس النواب يريد استدعاء المسؤولين ليسألهم عن تزايد العمليات الارهابية في بلد لديه 17 فرقة عسكرية موازنتها 20 مليار دولار، فتأتي الأوامر بعدم الحضور فيتوقف الاستدعاء وتبقى المشكلة وهذا انسداد آخر ، ارادت ثلة متخصصة شن حملة لكشف الفساد فوضعوا عناوين : بيع الوظائف الكبيرة بالمليارات ، العمولات في عقود الشركات ، شبكة الرشاوى في الدوائر ، جنود ينامون في بيوتهم ويدفعون نصف رواتبهم للآمرين ، وقبل ان تبدأ الحملة انهالت الرسائل والتهديدات والتحذيرات من مسؤولين كبار كخلية زنابير هائجة ، فهرب المصلحون وانتصر الفاسدون في اوضح حالة انسداد ، تظاهرات تطالب بالغاء تقاعد النواب مكفولة دستوريا ، لكنها ليست مكفولة امنيا وسياسيا ، اعتصامات الانبار كانت شرعية لكنها اصبحت لاحقا منبرا للقاعدة والبعث واوردغان وموزة وفلان وعلان فما الذي يمنع التظاهرات الجديدة من هذا المصير ؟ نائب مرتاح شبعان متفح اهله في كندا وعشيقته في قبرص وشقته في دبي قال وهو يتثائب : تقاعدنا أقر بقانون ولا يلغى الا بقانون ونحن من نشرع القانون اتركوا الأمر لنا ولكن لا تغضبوا ان لم يحصل القانون على اكثرية ، قصده ان القضية في طريقها الى الانسداد . البصرة عاصمة العراق الاقتصادية قال البعض : نعم ، صحيح ، ضروري ، لا بد من تشريع قانون لها ، نوقع بالعشرة ، لكن يؤجل القانون الآن لأنه يخدم الكتلة الفلانية انتخابيا ، وهذا انسداد متعمد ! الاستقرار ، الماء والكهرباء والأمن والتنمية والرفاه والكرامة والنظافة كلها حقوق مشروعة لكن يجب ان تؤجل لأن النجاح في اي منها يخدم كتلة الوزير الذي نجح انتخابيا! وهذا انسداد جماعي محير ، احترقت بسطية كبيرة لملابس البالات ، ارتفعت السنة اللهب ، خشي الباعة ان تزحف النار الى السوق ، اتصلوا بالاطفاء فلم يأت ، مر تنكر مجاري استعانوا به نزل سائق التنكر امطر الحريق بدفق هائل من المياه الثقيلة حتى اطفأه ، انقذ نصف البسطية وكانت خسائرنا ان ثلاثين بائعا متجولا حين عادوا الى أهلهم رفضوا استقبالهم لانهم كانوا مبللين بمياه المجاري ورائحتها وعثروا في جيوبهم على قطع من النجاسة ، تم الاتفاق على غسلهم في الشارع قبل السماح لهم بالدخول ، صاحب التنكر يرى في نفسه بطل انقاذ وقد طالب المراسلين بتصويره واراد مصافحتهم فرفضوا وهربوا من رائحته فرشقهم بسيل من الشتائم ، وهذه حالة انسداد سياسي أخرى لكنها ليست الأخيرة .
https://telegram.me/buratha