مديحة الربيعي
تُمثل التهديدات وألأزمات التي يواجهها الوجود الصهيوني في قلب الوطن العربي هما" يؤرق الدول الداعمة لهذا الكيان وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وكل من أسس وساهم في وجود الدولة اليهودية,لذا فقد ارتأت هذه الدول العمل على أيجاد حلولٍ بديلة توفر الأمن لدولة اسرائيل وتضرب العرب بعضهم ببعض وتقضي على جيوب المقاومة التي تهدد وجود الكيان الغاصب,ومن هنا أنبثقت فكرة الفوضى الخلاقة قد يتسائل البعض كيف يمكن أن تكون الفوضى خلاقة وهي في ألاساس أحد أهم أدوات تخريب وتهديم أركان الدول؟ تتلخص الفكرة بتحطيم أركان الدول المستهدفة من الداخل عن طريق تشكيل مجموعات مسلحة عميلة لبعض الدول ألاجنبية بعضها من أبناء الدولة نفسها والبعض الآخر من دولٍ أقليميةٍ مجاورة تعملُ على أحداث الفوضى وضرب المؤسسات العسكرية والاقتصادية لدولة معينة ,فسابقا" كانت الحروب تتمثل مواجهة الخصم في ساحات مفتوحة وبمحتلف الأسلحة,أما الآن فقد تحول الأمر الى حربٍ داخلية ضمن الدولة نفسها ومعظم المقاتلين من نفس مواطنيها أي أنها حرب شوارع بطريقة مختلفة قائمة في أصلها على غسيل الدماغ وتحويل أبناء البلد الواحد من مواطنين الى مقاتلين مجندين تحت شعارات زائفة بدعوى الدين والحرية هدفها تقسيم البلد الواحد من الداخل الى أجزاءٍ متصارعة فيما بينها في حرب مفتوحة لانهاية لها تهدف الى تقسيم الشعب ثم الأرض, فمن مقومات الدولة أرض وشعب ودستور فمتى ماتم تقسيم الشعب والأرض أنهار الدستور, وهذه خلاصة فكرة الفوضى الخلاقة فهي هدامة للشعوب المُستهدفة بينما هي خلاقة للأستعمار, أذ أن أبرز نتائج هذه الفوضى بلدانٌ مُجزئة وجماعات متصارعة فيما بينها ,وبلد منكوب, واقتصاد منهار, وجيش ضعيف سُحِقَت مُعداته وأسلحته فأصبح غير قادر على الدفاع عن أرضه وشعبه,ووفقا" لهذا المنطق تُصبحُ أغلب بلدان الوطن العربي دولا" ضعيفة منهارة عسكريا" وامنيا" واقتصاديا" ,فهذه الفكرة هي أفضل الحلول التي توصلت اليها أمريكا ومعظم الدول الاوروبية لأجل الحفاظ على سلامة أسرائيل وتتلوها بعد ذلك عدةخطوات منها أعادة ترسيم حدود الوطن العربي حسب فكرة الشرق الاوسط الجديد,حل القضية الفسطينية عن طريق نقل اللاجئين الفلسطيين الى دولٍ أخرى مجاورة,الحرص على أن تصبح أسرائيل هي المركز بالنسبة للوطن العربي والأكثر امنا" وقوة من الناحية العسكرية والسياسية وألاقتصادية وهي من تتحكم بمصائر هذه الدويلات الضعيفة ,وقد تطرقت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة كوندا ليزا رايز في أحد لقائاتها الى جزءٍ بسيط من فكرة الفوضى الخلاقة ونتائجها على الدول العربية وكيف اثمرت هذه الفكرة وبدأت تُقطف بعضا" من ثمارها في أحداث الفوضى في العراق ومصر وسوريا والقضاء على اقوى ثلاثة جيوش في المنطقة العربية, فبعد ان هُزم الجندي الكوني الأمريكي بجعبته وخوذته وعدته في العراق وسُحِقت أسطورة جيش الكيان الصهيوني في جنوب لبنان تحت أقدام المقاومة اللبنانية الباسلة, انبثقت هذه الفكرة لتكون بديلا" عن الحروب المباشرةمنشور في جريدة المراقب العراقي
https://telegram.me/buratha