حيدر سهر
بمجرد ذكر اسم العراق يشعرك هذا الأمر بالمعاناة فشعب هذا البلد ضاق الويلات على مر الأزمنة وجرب مختلف الألم ، يكفي أن تلق نظرة بأوجه المارة في شوارع عاصمتهم المحتضرة ستفسر لك حجم هذه المعاناة ، فما مر بهم لم يجر على غيرهم من الشعوب ، وما عانوه لا يقف عند حد بل يزداد باستمرار ،فمن زحامات مساكنهم الى اختناقات الطرق الى صراع الساسة على كرسي الحكم ، فتنقلوا من دكتاتورية مجرمة عملت على التنكيل بهم وأجاعتهم من اجل طمس روحهم الوطنية الى ديمقراطية قبيحة تحمي السارقين وفضائيات تتاجر بجراحهم وتنفذ مهامها بأتقان من خلال خلق الاختلاف بينهم، حتى بات التنقل بين مدن العراق مجازفة، ليجبرك الإرهاب على تغيير اسمك وتحمل هويتين باسمين مختلفين وتغيير حتى لهجتك ولونك ان اضطرتك الأمور الى ذلك .، فضاق الوطن بهم وركبوا البحار بحثا عن ارض تسعهم ، هذا ان أكملوا رحلتهم ورسوا سالمين في أحدى البلدان ولم تبتلعهم البحار. ملخص الحكاية ما يمر به العراقيين مجمله أزمات وعقبات فالمعيشة الضنكاء والبحث عن عمل يسد رمق الجوع كل ما يفكر به المواطن ، وما زاد من معاناته في الآونة الأخيرة الزحامات الخانقة التي تشهدها العاصمة، فالسير على الأقدام أصبح ملازم للعراقيين للوصول الى أماكن عملهم ،كأنها رياضة بالإجبار تشترك بها الحكومة والإرهاب. فتحركات الجهات الأمنية للحد من العمليات الإرهابية أصبحت أضحوكة ، بدأت بـ (سونار الزحامات) وقطع الطرق والسيطرات الكثيرة الى قانون الفردي والزوجي الخاص بأرقام بالسيارات وانتهت بمنع سيارات (المنفيست) من السير ،ولا نستغرب ان وصلنا الى مرحلة السماح بيوم للموظف الحكومي ويوم للموظف الأهلي او يوم نسائي ويوم رجالي كل هذه ترقيعات لمعالجة أزمة مزمنة في الواقع اليومي للعراقيين ، ألا وهي الإرهاب الذي يستهدف الابرياء.لمصلحة من زيادة معاناة المواطن العراقي الا يتردد في ذهن ساستنا من يقف خلف هذه الهجمات الإرهابية ، أخلت الحلول الأمنية من حكومة ميزانيتها تعادل ميزانيات عدة دول الا يصيبهم هذا الامر بالخجل ، لأنهم لا يستطيعوا وضع أيديهم على مكامن الخلل، لا بل انهم يترددوا في توجيه أصابع الاتهام لدول تدعم الارهاب في العراق. فلا يخفى على احد ان العراق أصبح مختبر للتجارب الدولية ،لا بل ان اصغر دولة في العالم لها اكبر تدخل في شؤوننا ،وتكاد أوصال هذا البلد تتقطع لكثرة هذه التدخلات من دول الجوار ،فمنهم من يعد السيارات المفخخة جهادا ويغض النظر عنها ولا يدينها اعترافا منها بالوقوف خلفها ، ومنهم من يريد للعراق ان يكون على شاكلة مسلسل مدبلج ينتجه ساسة الاتراك .من هنا تبدأ نقطة محاربة السيارات المفخخة ، فالارهاب الدولي هو الذي يضرب العراق وهو الذي يذبح العراقيين في الاسواق ، فلا السيارات (المنفيست) ولا (سونار الازدحام) هي الخلل وانما علاقتنا بدول الجوار هي مكمن المشكلة ، ومن هذه النقطة يجب محاربة الارهاب فهذه الدول المشحونة طائفيا باتت اداة لقتل ولخنق العراقيين ، واذا لم تعمل الحكومة على ايقاف تدخلها فسنسير في ظلمة لا نهاية لها.
https://telegram.me/buratha