ماذا أراد من نشر الفيديو الذي يظهر سواق الشاحنات السوريين الثلاثة، وهم يقتلون على تخوم محافظة الأنبار، لأنهم لم يعرفوا عدد ركعات صلاة الفجر؟..
هل أراد أن يمرر رسالة يقول فيها إن لم تكن معي فأنت ضدي؟..! لا أعتقد أنه أراد هذا، لأن أكثر من تسعة أعشار البشر ليسوا معنا، فهل يتعين أن نقتلهم جميعا لأنهم كذلك؟..!..هذا الذي أعتقده أنا وأنت لأننا أسوياء نفكر بطريقة منطقية، فلإن من ليس معنا ليس بالضرورة أن يكون ضدنا، مثلما أيضا من لا يحبنا ليس من المفترض أن نتصور بأنه يكرهنا..
لكن أغلب الظن أن رسالة القاتل الذي كان حاسر الوجه، فيما رفاقه كانوا ملثمين أنه يؤمن تماما بأن من ليس معه فهو ضده، ومن يكون ضده يتعين إلغاءه، إلغاءه ليس بمقاطعته، أو عدم الإعتراف به، أو بعدم التعامل معه، بل بشطبه وإلغاء وجوده..
هذه الثقافة التي فشت وأصبحت ظاهرة عالمية ودولية، يفترض أن يقف عندها معتنقيها قبل غيرهم.!..
كيف؟..ولماذا؟!..
ربما لم يتوقف فورا القاريء عند تعبير (ظاهرة عالمية ودولية) الذي ذكرته للتو، وربما تصوره أنه من سياقات الاستطرادات التي أعتادها الكتاب، لكني أرجو أن يتوقف عندها القاريء الكريم.
أقول ظاهرة عالمية، مشيرا الى أنها باتت ثقافة واسعة الإنتشار في العالم، إن على مستوى الجماعات والتنظيمات، أو الأفراد، ومهما نحاول إنكارها أو الإلتفاف عليها معنى ومبنى، لا يمكننا التخلص من حقيقة أنها أصبحت واقعا يجتاح البشرية بشكل مخيف..
وأقول ظاهرة دولية، لأن السائد اليوم بالتعامل الدولي، هو أن الدبلوماسية الناعمة قد تمت تنحيتها لصالح الدبلوماسية الخشنة، ومع أن سعة المصالح الدولية وتداخلها، يدفع نحو صناعة الأزمات والمشكلات وإدامتها، لكن؛ ولأن تلك المصالح المتداخلة ورائها ثروات وأموال وإقتصاديات كبرى، وتنافس على مناطق النفوذ الإقتصادي، فإن ذلك يجعل الدول تتخلى عن الدبلوماسية الناعمة وإحترام سيادة الدول الأخرى، وتلجأ الى وسائل التلويح بالقوة أو حتى إستخدامها..
ما الذي يعنيه ذلك؟..!
ببساطة تأتي الإجابة غير معقدة في مثل هذا المشهد المتداخل المعقد هو أيضا..
فالجواب هو أننا كبشر كلما نمضي الى أمام في الرقي التكنولوجي والمعرفي، يستيقظ فينا الوحش الذي تكبر مخالبه وأنيابه، كلما كبرت مصالحنا، وسنأكل بعضنا البعض في النهاية..!
الذي أعتقده أن قاتلي السائقين السوريين على طريق الأنبار، وقاتلي المدنيين في سوريا، والمسلحين في سيناء ومالي والأكوادور، وكولومبيا وجاوة والبوذيين في بورما , وغيرهم أينما تجد عنفا بسبب إختلاف الرأي، لن يمضي وقت طويل ونراهم يقتلون بعضهم بعض، لأنهم بالتأكيد سيختلفون لأمر ما..!
كلام قبل السلام: وكما قال العظيم نلسون مانديلا: " كن إنساناً أو مت وأنت تحاول ". يكفينا حينها شرف المحاولة!
سلام..
https://telegram.me/buratha