محمود شاكر شبلي
شروط النهضة الحضارية للمجتمع و فلسفة التغيير .......
تكملة الحلقة الأولى
ولكن من هم الناشطون أقتصاديا الذين نفسح لهم المجال للعمل.. هل هم الشركات الأستثمارية الكبرى أم المستثمرون المحليون؟ ان الجواب الأفضل طبعا هم المستثمرون المحليون وبضمنهم شركات الدولة العراقية .. لأن الشركات الأستثمارية الكبرى لا تريد الّا ربحا فاحشا ولا يهمها الّا أن تستنزف موارد البلد..!! ولكن في وقت لم تعد للرؤية المستقبلية اي اعتبار يؤخذ بالحسبان كمقياس لصوابية العمل وكشرط مهم جدا لتحقيق المصالح الوطنية ، ولم تعد القيم المهنية طرفًا في المعادلة إلا بمقدار ما يتم توظيفها لخدمة مآرب فئة همها تحقيق الربح والسيطرة ,فأن التخبط وعدم وضوح الرؤية وعدم وجود العقلية الأقتصادية التي ترسم مستقبل العراق الأقتصادي أدت ألى وقوع المسؤولين العراقيين القليلي الخبرة بشراك الشركات العملاقة ذات الخبرات الضخمة والتي يديرها ذئاب الأقتصاد العالمي الذين حققوا لها أرباحا خيالية وكوّنوا منها كارتلا متينا يتحكم بأقتصاديات دول عديدة. أذن الاحرى بنا أولا هو إقامة نظام سياسي له رؤية أقتصادية واضحة جدا قادر على دعم اقتصاد حر وفعّال قبل أستدعاء الاستثمارات الخارجية. كما إن فتح الاقتصاد أمام الاستثمارات الخارجية ( أذا كان لابد منه) قبل إقامة البنى التحتية اللازمة لدعم المصالح الاقتصادية المحلية لن يؤدي إلى االنتيجة المطلوبة. وأعتقد بأننا الان بصدد بناء هذا النظام السياسي المتميز وأننا قد قطعنا أشواطا لا بأس بها لبنائه لولا أن بعض الاطراف المعروفة و المساهمة فيه لا تريد له التميز والنجاح , ولكننا سننجح رغم (الداء والأعداء).
النفط عصب الاقتصاد العراقي:
يعتمد العراق في موازناته المالية بشكل عام على النفط وبنسبة تصل إلى أكثر من 90% ولا أعلم ما هو سبب أصرار المسؤولين العراقيين و بقوة لتسليم السيطرة على تطوير انتاج النفط والغاز إلى شركات أجنبية مع أن العراق كان ومنذ أربعين عاما ولحد الان يدير شؤونه النفطية والغازية بواسطة كادره الوطني ذي الخبرة الممتازة والذي بأمكانه الأستمرار بأدارة تلك العمليات بكل كفاءة ومقدرة ولا يحتاج سوى الى توفير معدات الحفر وأدوات الأنتاج والتي من الممكن جدا توفيرها من خلال شرائها بشكل مباشر من الشركات المصنعة ولا تتجاوز فترة التدريب على تشغيلها وأدارتها لأكثر من عدة أشهر. وبالتالي فسيكون بالأمكان جدا تطوير ادارة الشأن النفطي بوتيرة تصاعدية من خلال القدرات الوطنية والوصول الى نفس مستويات الأنتاج خلال نفس الفترة أو أكثر قليلا التي تصلها الشركات الأجنبية. أن ماتشكو منه صناعة النفط حاليا هو ضعف وقدم البنية التحتية حيث أن عدم أستقرار العراق وعدم السيطرة على الوضع الأمني ساهم بتقاعس الحكومة عن أعادة بناءها أو تحديثها. وقد قالت الباحثة والمحللة جيسيكا بريوير، من مؤسسة (وود ماكينزي) العالمية المتخصصة في مجال الدراسات البترولية التي تتخذ من إسكتلندا مقرا لها، في دراسة نشرتها (الفاينانشيل تايمز) البريطانية، أن "هناك مشاكل كثيرة في العراق هي خارج أيدي شركات النفط الغربية"، وبينت أن "من هذه المشاكل العراقيل التي تولدها البنى التحتية الضعيفة في العراق"، وتابعت "هناك نقص في أنابيب النفط وضعف في حجم مستودعات الخزن ومحدودية سعة محطات الضخ". وكل هذه النواقص من الممكن جدا توفيرها وبفترة زمنية بسيطة. أن ألأعتماد على الكادر الوطني المتوفر والمؤهل والذي لايحتاج سوى الى العدة وقليل من أعادة التاهيل سيؤدي الى بقاء الثروة العراقية بعيدا عن متناول مخالب الشركات العملاقة وسيؤدي الى أمتلاك العراق لقراره السياسي بشأن الأنتاج وبالتالي سيكون العراق قوة سياسية وأقتصادية محترمة ومهمة في المنطقة والعالم يحسب لها الف حساب. كما وأن أدارة العمليات النفطية والغازية بأيدي عراقية سيساهم بأمتصاص الكثير من مستويات البطالة الحقيقية والمقنعة التي يعاني منها العراق وسيحفظ أموال العراق وثرواته من التسرب الى جيوب أجنبية بدل جيوب ابنائه الذين هم بحاجة لها أكثر من غيرهم.
أن أزدهار القطاع النفطي سوف يبقى مرتبطا بمصير خطة إعادة بناء الاقتصاد العراقي ، والذي بدوره مرتبط بنجاح المشروع السياسي العراقي الوطني القائم على أساس الديمقراطية والتنمية و المصلحة الوطنية بعيدا عن العرقية والطائفية. لذايجب علينا أبعاد الصناعة النفطية عن التأثيرات والمساومات والضغوط السياسية، و تأسيس شركة النفط الوطنية للقيام بأدارةعمليات تطوير قطاع النفط على نطاق واسع ، فضلا عن أنشاء مصافي جديدة لتلبية احتياجات الاستهلاك المحلي وللتصدير ، وتشجيع القطاع الخاص العراقي و توسيع دوره في الصناعة النفطية.
أن الصناعة النفطية اذا ما أنتعشت بأيادي محلية ستكون بمثابة القائد والهادي لأنتعاش الصناعات الاخرى للنهوض بأقتصاد البلد وتحقيق الرفاه الاقتصادي والذي سيؤثر بالايجاب على كل النشاطات الانسانية الاخرى ويساهم في تهيئة القاعدة الأقتصادية والأرضية الصلبة لبناء المؤسسات الأجتماعية والمشاريع التنموية التي تساهم في تغيير المجتمع وتحقيق النهوض الحضاري............يتبع
https://telegram.me/buratha