صالح المحنّه
لستُ من عشّاق الحكومة ، ولا من مخالفيها ولكنّي كأيِّ مواطنٍ يتمنّى أن تكون حكومة بلده راعيةً لمصالح ابناء شعبها ،مدافعةً عن حقوقهم ، حاميةً لأمنهم ودماءهِم، وعادلةٌ في توزيع ثرواتهم ، ما دفعني الى كتابة هذه السطور ، هو كثرةِ ترديد بعض العبارات مِن قِبل البعض على مواقع الأنترنيت ومواقع التواصل الإجتماعي وعلى الفضائيات أحيانا وفي مجالس مختلفة، ردّا على بعض المنتقدين لأداء الأجهزة الحكومية ...أو الرافضين لممارسات أجهزة الأمن والجيش مع المتظاهرين ...تتضمن عبارات إخواننا تلك مقارنة بين النظام السابق والنظام الحالي !!! وبطريقة يُفهم منها أمران ... الأمر الأول هو نوع من الدفاع عن الحكومة والتبرير لبعض الممارسات الخاطئة من قبل الجيش و الشرطة...وهذا أمرٌ مباحٌ وحقٌ متاحٌ لكل من يرى ذلك ، خصوصا الذين تضغطُ عليهم عاطفة الموالاة والإنتماءات الحزبية ، وألأمرُ الآخر الذي لانتفق معه ، هو المنّةُ في مخاطبة الآخرين ! عندما يذكّرونهم بحالات القمع في زمن النظام السابق وبين ماتبديه الأجهزة الأمنية والعسكرية الحالية من تسامح مع المتظاهرين أو المخالفين بالرأي لسياسة النظام الجديد، فنسمع دائما مع كل حادثةٍ عبارات مثل لو كانت هذه التظاهرات في زمن صدام حسين لفعل بكم كذا وكذا ،وغيرها الكثيرمن عبارات المفاضلة والمقارنة بين النظامين ، ويبدو ان الغاية من هذه المقارنة وماتحمله من رسالة ...هي دعوة للألتزام بالصمت المصحوب بالشكر والحمد لله على نعمة التسامح وقلّة الضرر، أقول لهؤلاء الأخوة أن المقارنة بين النظاميين ليست صحيحة ولاتعطيكم حق التبرير لأي تصرّف فيه قمعٌ أو إهانة لأي مواطن ، لأننا متفقون جميعا بانَّ النظام السابق هو نظامٌ إنقلابيٌّ قمعيّ ليس للشعب فيه رأيٌ ولاصوت ، وقد إغتصب السلطةَ إغتصاباً ، وهويته ووجهه الحقيقي هو الإجرام بكل ماللكلمة من معنى، فلا يفاجئنا بقمعه وكتم الأنفاس، ومع بطشهِ وظلمهِ كان للشعب معه مواقفٌ ومشاهدٌ لاتُنسى كسر فيها شوكته ، وإنتفاضة عام 1991 خيرشاهد على ذلك وغيرها الكثير من المواقف المشرّفة لشباب العراق،أمّا النظام الحالي المفروض هو نتاج شعب وقد بلغ السلطة بأصوات الشعب لابجهدّ عسكريّ ولافي قتال مع النظام السابق ... بل أُسقط النظام بضربات خارجية...ثمَّ أوصلهم بعدها الشعب الى السلطة عندما منحهم صوته ، فليس لهم عليه مِنّةٌ ...بل الشعب يمنُّ عليهم إن أجلسهم على كرسيّ الحكم بعملية ديمقراطية وتحت دستور كفل للمواطن حق التظاهر وحق الإعتراض والمطالبة بحقوقه ، بل وإقصاء من لايلتزم بعهوده ...لقد كان المسؤول في زمن النظام السابق مطيعاً لأمر مولاه الدكتاتور ولو أمره أن يُبيدَ مدينةً لفعل بدون تردد وقد حصل ذلك لأنه هو الذي عينه في موقع المسؤولية فماله من امره شيئاً، أمّا مولى المسؤول اليوم في هذا النظام هو الشعب ، ولاسلطة فوق الشعب ، وكما خرج وأعطى صوته للمسؤول ليصل الى كرسي السلطة ، هو أيضاً قادر أن يخرج مرّةً أخرى لينزله من كرسيّ السلطة ،وبالطرق الديمقراطية المكفولة دستورياً واللي المفروض ماتزعّل !!! إذن أي تجاوز أو إهانة توجه للمواطن الذي يعبّر عن رأيه بشكل سلمي....هو أمرٌ مستهجن ومرفوض إخلاقياً ودستورياً ، ولايمكن تبريره أو تخفيف أثره بناءاً على مقارنةٍ مغلوطةٍ مع نظام تمادى في ظلم الشعب العراقي والشعوب المجاورة وهو النظام البعثي وقد أُلقي في مزبلة التاريخ بلا رجعة!!! نرجو من أولئك الأخوة أن يكفّوا عن لغة التقريع التي كَرّعت روسنا ، ويخففوا من شحنات الطاعة العمياء ...خدمةً لحرية المواطن وترسيخ مبدأ العدالة في المجتمع والحفاظ على ملامح الديمقراطية الناشئة في بلدنا وصيانتها من التشوّه ...مع التحيّة...
https://telegram.me/buratha