حسين الركابي
منع النظام العلماني الفرنسي في القرون المنصرمة كثير من الممارسات الدينية، وقد رسخ في اذهان المجتمع الفرنسي آنذاك فكرة المشروع العلماني الكبير فصل الدين عن السياسة والتعليم والحياة المدنية. فقد شرعت فرنسا قوانين تدين من يرتدي القبعة اليهودية، وغطاء الراس، والصلبان المسيحية في الاماكن العامة، او في اروقة الدولة مثل الدوائر الخدمية والصحية والتعليمية، وقد سنت قوانين تقضي بالعقوبات الصارمة بحق من يمارس تلك الطقوس الدينية والمتوارثة عبر الرسالات السماوية، وتمحورت نظريتها حول ثلاثة مفاهيم.الامر الأول: خرافات الكنيسة واستبعادها من التحكم بشؤون الدولة والحياة العامة للمجتمع الفرنسي، والاعتماد على العلوم التجريبية والمكتشفة من الطبيعة التي يكتشفها الانسان خلال بحثه وتطوره في الحياة. الامر الثاني: ابعاد الكنيسة عن الحياة السياسية والتعليمية والاقتصادية، ولا يحق لها إن تمارس دورها في كافة المجالات الحياتية ما عدا التعبد في الدير والكنيسة فقط. الامر الثالث: رفض الاعتراف بشي خارج العالم المحسوس للإنسان، وتقتصر على ذات البشر واختزال الحقيقة إلى عالم المادة. وقد رسخت تلك الاخطاء القاتلة في اذهان المجتمعات العربية والإسلامية، واجتاحت عقول الشعوب والجماعات وحتى الافراد الذين لديهم استعداد لتلقي مثل هكذا افكار وأساليب، وقد تفضي تلك الممارسات في نهاية الامر إلى تطبيق سياسات وروئ احزاب وجماعات ساعية إلى المناصب، والهيمنة على الشعوب فكريا وسياسيا واقتصاديا، حيث امتد ذلك الاسلوب إلى قدر كبير من عالمنا اليوم الذي اصبح مليئ بتلك الافكار، والممارسات التي بنيت على ركائز تخالف العقل والمنطق وحتى الفطرة التي خلق الله عليها الانسان. كأبواق المنادية اليوم بفصل الدين الاسلامي عن الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وحصر اعمالها في الجوامع والحسينيات وأماكن العبادة بحجج واهية يراد منها حصر سنام الامم والشعوب ومقدرات البلدان بيد التيار العلماني وحده، تحت مسميات إن السياسة مراوغة وكذب ولا يمكن للإسلامي إن يمارسها ويدير مقاليدها. من الذي وضع هكذا قوانين؟ وعلى ماذا استند؟ وكيف استساغتها العقول الاسلامية وصاحبة الحضارة السومرية والبابلية والأشورية والاكدية.....الخ؟؟ فالسياسة الاسلامية تقف على عدة مرتكزات، وهي الصدق والعدالة والأمانة والحقوق والواجبات، ولا يمكن إن يتولى احد قيادة المجتمع يسمى بالمخادع والكذاب، وقال تعالى ((اذهبا الى فرعون انه طغى وقولا له قولا لينا عسى ان يتذكر او يخشى)) وقد وضع لنا شاخصا القائد الاسلامي والسياسي الرسول محمد (ص) ويكفي كنيته الصادق الامين، وكذلك قولة (ص) والله لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي على إن اسلب جلباب شعيرة من على ظهر نملة لما فعلت" فلابد إن تسير الامم والشعوب خلف القيادة الاسلامية الصحيحة، والتي لم تسلب ولن تسلب جلباب شعيرة من على ظهر نملة...
https://telegram.me/buratha